و في المحذوف خلاف، قال المبرد: الأول، و قال سيبويه: الثاني، و
رجّحه ابن هشام.
قال ابن النحاس في (التعليقة): قولهم قطع اللّه يد و رجل من قالها،
أجمعوا على أن هنا مضافا إليه محذوفا من أحدهما، و اختلفوا من أيّهما حذف، فمذهب
سيبويه حذف من الثاني و هو أسهل لأنه ليس فيه وضع ظاهر موضع مضمر، و ليس فيه أكثر
من الفصل بين المضاف و المضاف إليه بغير الظرف، و حسّن ذلك و شجعه كون الدليل يكون
مقدّما على المدلول عليه، و مذهب المبرّد أن الحذف من الأول و أن (رجل) مضاف إلى
(من) المذكورة و (يد) مضافة إلى (من قالها) أخرى محذوفة، و يلزمه أن يكون قد وضع
الظاهر موضع المضمر، إذ الأصل: يد من قالها و رجله، و حسّن ذلك عنده كون الأوّل
معدوما في اللّفظ، فلم يستنكره لذلك، انتهى.
الثلاثون:نحو: زيد و عمرو قائم، و مذهب سيبويه[1]أن الحذف فيه من الأول، مع أن مذهبه في نحو:
أن الحذف من الثاني[3]، قال ابن الحاجب: إنما اعترض بالمضاف الثاني بين
المتضايفين ليبقى المضاف إليه المذكور في اللفظ عوضا مما ذهب، و أما هنا فلو كان
(قائم) خبرا عن الأول لوقع في موضعه، إذ لا ضرورة تدعو إلى تأخيره، إذا كان الخبر
بحذف بلا عوض نحو: زيد قائم و عمرو، من غير قبح في ذلك، انتهى.
و قيل أيضا: كلّ من المبتدأين عامل في الخبر، فالأولى إعمال الثاني
لقربه، قال ابن هشام[4]: و يلزم من هذا
التعليل أن يقال بذلك في مسألة الإضافة، قال: و الخلاف إنما هو عند التردّد، و إلا
فلا تردد في أن الحذف من الأول في قوله: [المنسرح]
[29] - الشاهد للفرزدق في خزانة الأدب (2/ 319)، و الكتاب (1/
239)، و شرح شواهد المغني (2/ 799)، و شرح المفصّل (3/ 21)، و المقاصد النحوية (3/
451)، و المقتضب (4/ 229)، و بلا نسبة في تخليص الشواهد
(87) ، و خزانة الأدب (10/
187)، و الخصائص (2/ 407)، و رصف المباني (ص 341)، و سرّ صناعة الإعراب (ص 297)، و
شرح الأشموني (2/ 336)، و شرح عمدة الحافظ (ص 502)، و لسان العرب (بعد) و (يا).