نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 1 صفحه : 42
حذفه و لا الحكم بزيادته، فلهذا مذهب البصريين: المصير إلى التأويل
ما أمكن صيانة عن الحكم بالزيادة أو الحذف.
و قال ابن جني في (الخصائص)[1]: تفسير قول أبي بكر أنها دخلت الكلام لضرب من
الاختصار: أنك إذا قلت ما قام زيد، فقد أغنت (ما) عن (أنفي) و هي جملة فعل و فاعل،
و إذا قلت: قام القوم إلّا زيدا فقد نابت (إلا) عن (أستثني)، و إذا قلت: قام زيد و
عمرو فقد نابت (الواو) عن (أعطف)، و كذا (ليت) نابت عن (أتمنى)، و (هل) عن
(أستفهم)، و الباء في قولك: ليس زيد بقائم، نابت عن (حقّا)، و (البتة) و (غير ذي شكّ)،
و في قولك: أمسكت بالحبل، نابت عن المباشرة و ملاصقة يدي له، (و من) في قولك: أكلت
من الطعام، نابت عن البعض أي: أكلت في بعض الطعام، و كذا بقية ما لم نسمّه، فإذا
كانت هذه الحروف نوائب عما هو أكثر منها من الجمل و غيرها لم يجز من بعد ذلك أن
تنتهك و يجحف بها.
قال: و لأجل ما ذكرناه من إرادة الاختصار فيها لم يجز أن تعمل في
شيء من الفضلات: الظرف و الحال و التمييز و الاستثناء و غير ذلك، و علّته أنهم قد
أنابوها عن الكلام الطويل لضرب من الاختصار، فلو أعملوها لنقضوا ما أجمعوه و
تراجعوا عما التزموه.
و قال ابن يعيش[2]: حذف الحرف يأباه القياس لأن الحروف إنما جيء
بها اختصارا و نائبة عن الأفعال، ف (ما) النافية نائبة عن أنفي، و همزة الاستفهام
نائبة عن أستفهم، و حروف العطف عن أعطف، و حروف النداء نائبة عن أنادي، فإذا أخذت
تحذفها كان اختصارا لمختصر و هو إجحاف. إلا أنه ورد حذف حرف النداء كثيرا لقوة
الدلالة على المحذوف فصارت القرائن الدالّة على المحذوف كالتلفّظ به. و قال أيضا:
ليس الأصل في الحروف الحذف إلا أن يكون مضاعفا فيخفّف نحو: إنّ و لكن و ربّ.
إذا اجتمع مثلان و حذف أحدهما فالمحذوف الأول أو الثاني؟ فيه فروع:
أَ تُحاجُّونِّي [الأنعام: 80]، وتَأْمُرُونِّي [الزمر: 64]، و هل المحذوف نون الرفع أو نون الوقاية؟ خلاف. ذهب
سيبويه[3]إلى الأول، و
رجّحه ابن مالك؛ لأن نون الرفع قد تحذف بلا سبب.