وقيل : لا وجه للسؤال لأنّ قوله ( وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ) نهي عن أكل مال اليتيم وحده لما تقدّم في التفسير الأوّل ، أي لا تتبدلوا أموالهم مكان أموالكم ولا تأكلوها منضمّة إلى أموالكم فقد استوفى النهي القسمين معا.
قيل : المراد بالآية الأولى الّذين يجلسون عند المريض ويقولون إنّ أولادك لا يغنون عنك من الله شيئا فقدّم مالك في سبيل الله فيفعل المريض بقولهم فيبقى أولاده ضائعين كلّا على الناس : فأمر [ الله تعالى ] هؤلاء بأن يخافوا الله في هذا القول ويقدّرون أنّ أولادهم هم المخلّفون ويفعلون بهم ما أشاروا به.
ويقوّي هذا القول قوله ( فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) أي موافقا بأن لا يشيروا بزائد على الثلث بل بأقلّ ، وقصّة سعد بن أبي وقّاص المتقدّمة تدلّ على هذا المعنى ، فيكون الأمر هنا على الندب.
وقيل : هو للأوصياء بأن يخشوا الله في القيام بأمر اليتامى ، وليقدّروا أنّهم لو كانوا هم الموتى وذرّيتهم للضعفاء تحت ولاية أوصيائهم ، كيف كانوا يخافون عليهم من الضياع ، ويريدون من الأوصياء أن يفعلوا بأبنائهم؟ فليكونوا هم في ولاية اليتامى كذلك.
ثمّ إنّه تعالى أكّد النهي عن تناول مال اليتامى زيادة عن تناول مال غيرهم لمكان ضعفهم وعجزهم وغفلتهم فقال ( إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ) أي سببا للنار والتنوين فيه للنوعيّة أي نوعا من النار ، لا أيّ نار كانت ، وفي ذلك غاية التهديد قوله ( وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) إعادة ليعلم أنّ أكل مال اليتيم سبب تامّ لدخول النار