قال
رحمهالله : ولو وجد ميتة وطعام الغير فان بذل له
الغير طعامه بغير عوض أو بعوض هو قادر عليه ، لم يحل الميتة ، ولو كان صاحب الطعام
غائبا أو حاضرا ولم يبذل وقوي صاحبه عن دفعه عن طعامه ، أكل الميتة فإن كان صاحب
الطعام ضعيفا لا يمنع ، أكل الطعام وضمنه ولم تحل الميتة ، وفيه تردد.
أقول
: منشؤه من
انتفاء الضرورة المبيحة لأكل الميتة ، لوجود طعام حلال بأن يقومه على نفسه ويأكله
ثمَّ يؤدي قيمته عند القدرة عليها ، وانما يباح الميتة مع عدم وجود طعام غيرها ،
وهو هنا موجود فلا يباح الميتة ، ومن عموم النهي [٧٧] عن التصرف
بمال الغير من غير إذنه ، خرج منه جواز التصرف لدفع الضرورة التي لا تندفع الا
بتناوله ، للإجماع على ذلك ، ولوجوب حفظ النفس ، والضرورة هنا مندفعة بتناول
الميتة ، فلا يحصل الشرط المبيح لتناول مال الغير قهرا ، وهو قوى.
قال
رحمهالله : ولو لم يجد المضطر ما يلزم رمقه سوى
نفسه ، قيل : يأكل من المواضع اللحمة كالفخذين ، وليس شيئا إذ فيه دفع الضرر
بالضرر.
أقول
: قال الشيخ في
المبسوط : فان لم يجد المضطر شيئا حلالا [٧٨] بحال ، قال قوم : له أن يقطع من بدنه من المواضع اللحمة
كالفخذ ونحوها ، لأنه لا يمنع من إتلاف البعض ، لاستبقاء الكل كما لو كان به أكله
أو خبيثة فقطعها ، قال : والصحيح عندنا أنه لا يفعل ذلك ، لأنه إنما يأكل خوفا على
نفسه ، وفي القطع منه خوف على نفسه فلا يزال الخوف بالخوف ، ويفارق الخبيثة ، لأن
في قطعها قطع سراية ، وليس كذلك قطع موضع من بدنه ، لأن في قطعه إحداث سراية ،
وتابعه