لأن القضاء منهي عنه قبل حجة الإسلام ، وحجة الإسلام غير منوية ، فلا يقع
صحيحا للنهي عنه ، وهو المعتمد. وكيف يقدم القضاء وهو هنا واجب على التراخي وحجة
الإسلام واجبة على الفور ، وإنما يجب القضاء على الفور ، إذا كان الأصل الذي أفسده
واجبا على الفور ، والفرض هنا غير ذلك الحكم؟!
الثاني الذي
فيه الغلط ، قوله : (وإن قلنا : إنها العقوبة ، أجزأه القضاء عن حجة الإسلام ،
لصدق عتقه قبل الوقوف).
مراده أن عتقه
قد حصل قبل وقوف القضاء ، وقد قلنا : إن الثانية هي حجة الإسلام ، والأولى عقوبة ،
وهو قد أعتق قبل وقوف حجة الإسلام ، فتكون مجزية ، لعموم قولهم : «العبد إذا أعتق
قبل الوقوف أجزأه عن حجة الإسلام» [١١١] ، وهذا يصدق عليه انه أعتق قبل الوقوف فيجزيه.
هذا وجه
استدلاله رحمهالله ، وهو غلط ، لأن القضاء إنما يجزي عن حجة الإسلام على
القولين في موضع لو سلمت من الإفساد لأجزأت عن حجة الإسلام ، وهذه لو سلمت من
الإفساد لم تجزه عن حجة الإسلام ، لوقوع العتق بعد الموقفين ، ولأن القضاء قد صار
واجبا عليه بسبب الإفساد ، فلا يجزي عن حجة الإسلام التي لا تجزي عنها الفاسدة على
تقدير عدم إفسادها ، ولأنه لو حج الصرورة قبل الاستطاعة ندبا ثمَّ أفسد كان عليه
الإتمام والقضاء ، ولو استطاع قبل القضاء لم يجز القضاء عن حجة الإسلام ، لأن
الفاسدة لو سلمت لم تجز عن حجة الإسلام ، ولا أعلم كيف يخيل للمقداد رحمهالله هذا ، مع أن جميع مصنفات أصحابنا مصرحة بضد ما ذهب إليه
رحمهالله.
قال ابن إدريس رحمهالله : وإن أحرم بإذن سيده فأفسد الحج لزمه القضاء ، وعلى
سيده تمكينه منه ، وإذا أفسد العبد الحج ولزمه القضاء على ما
[١١١] راجع الوسائل
، كتاب الحج ، باب ١٧ من أبواب وجوبه وشرائطه.