مسألة: قد روي أنّ من
استخلفه سلطان ظالم على قوم و جعل إليه إقامة الحدود،
جاز له أن
يقيمها عليهم على الكمال، و يعتقد أنّه إنّما يفعل ذلك بإذن سلطان الحقّ لا بإذن
سلطان الجور، و يجب على المؤمنين معونته و تمكينه من ذلك ما لم يتعدّ الحقّ في ذلك
و ما هو مشروع في شريعة الإسلام، فإن تعدّى من جعل إليه الحقّ، لم يجز له القيام
به و لا لأحد معاونته على ذلك. أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر- رحمه اللّه- في
نهايته[2].
و هو
الأولى؛ لما ثبت من أنّه لا يجوز لأحد غير الإمام أو من أذن له الإمام إقامة
الحدود.
إذا ثبت
هذا: فلو خاف الإنسان على نفسه من ترك إقامتها، جاز له ذلك؛ للتقيّة ما لم يبلغ
قتل النفوس، فإن بلغ الحال ذلك، لم يجز فعله و لا تقيّة فيها بلا خلاف.
مسألة: لا يجوز الحكم بين
الناس و القضاء بينهم إلّا للإمام أو لمن أذن له الإمام.
و قد فوّض
الأئمّة عليهم السلام ذلك إلى فقهاء شيعتهم، المأمونين[4] المحصّلين[5] العارفين
بالأحكام و مداركها، الباحثين عن مأخذ الشريعة، القيّمين بنصب الأدلّة و الأمارات.
و بالجملة، من يستجمع شرائط الحكم الآتية فيما بعد؛ لما
[1]
الشيخ المفيد في المقنعة: 129، و الشيخ الطوسيّ في النهاية: 300.