بالاستفاضة، لأنّ أزواج النبي صلّى اللّه عليه و آله- خديجة و عائشة-
تثبت الزوجية بالاستفاضة، فكذا هاهنا. و لأنّ الوقف يبنى على التأبيد، فلا يبقى من
شهد به من الواقف فينا حاجة الى الشهادة بالاستفاضة، و إلّا بطلت الوقوف. قال: و
هذا الذي يقتضيه مذهبنا[1].
و تبعه الشيخ[2]
نجم الدين أبو القاسم ابن سعيد.
و اعترض
شيخنا في المختلف على هذا الاستدلال بأنّ الزوجية في حقّ النبي صلّى اللّه عليه و
آله تثبت بالتواتر، و أمّا الوقف فلأنّه ليس تخصيص النهي عن الشهادة بدون العلم
بالوقف، تحصيلا لعلّة ثبوته بأولى من تخصيص النهي عن سماع الشهادة الثالثة به لهذه
المصلحة، مع انّ هذا التخصيص أولى، إذ لا مانع عقلا، بخلاف الشهادة بمجرّد الظنّ[3].
و أقول:
لقائل أن يجيب عن الأوّل بما ذكره الشيخ نجم الدين في الشرائع جوابا عن هذا
الاعتراض بأن قال: و لو قيل: بأنّ الزوجية تثبت بالتواتر كان لنا أن نقول:
إنّ التواتر
لا يثمر إلّا إذا استند الى السماع المحسوس، و من المعلوم انّ المخبرين لم يخبروا
عن مشاهدة العقد و لا عن إقرار النبي صلّى اللّه عليه و آله، بل نقل الطبقات مستند
إلى الاستفاضة التي هي الطبقة الاولى، و لعلّ هذا أشبه بالصواب[4].
و عن
الثاني: انّه و إن انتفى المانع العقلي منه إلّا انّ المانع الشرعي و هو الإجماع
على عدم قبول الشهادة الثالثة. و في هذا الجواب الأخير نظر، لأنّ لقائل أن يقول:
إن ادّعيت الإجماع على عدم سماعه في الوقت فهو غير المتنازع.
[1]
المبسوط: كتاب الشهادات فصل في التحفّظ في الشهادة ج 8 ص 182- 183.