لتعذّر اليمين من المشهود له، و كذا لو ادّعى الوصي الوصية للفقراء
و أقام شاهدا واحدا فأنكر الوارث، و فيه نظر».
أقول: القول
المحكي هو قول الشيخ رحمه اللّه فإنّه قال في المبسوط: ذكرت ثلاث مسائل لا يمكن
ردّ اليمين فيها، إحداها: أن يموت رجل و لا يخلف وارثا مناسبا فالمسلمون ورثته
فوجد الحاكم في روزنامجة دينا على رجل أو شهد شاهد واحد بذلك فأنكر من عليه الدين
فالقول قوله مع يمينه، فإن حلف سقط الحقّ، و إن لم يحلف لم يمكن ردّ اليمين، لأنّ
الحاكم لا يمكن أن يحلف عن المنكر، و المسلمون لا يتأتّى منهم الحلف، لأنّهم لا
يتعيّنون، ثمّ قال بعضهم: يحكم بالنكول و يلزمه الحقّ، لأنّه موضع ضرورة، و قال
آخرون- و هو الصحيح عندهم-: انّه يحبس حتى يحلف أو يقرّ، و الذي يقتضيه مذهبنا
انّه يسقط هذا، لأنّ ميراث هذا للإمام، و عندنا لا يجوز أن يحلف عن غيره، و لأنّا
لا نعلمه فلا يمكنه اليمين، مع انّ الامام لا يحلف فيحبس المدين حتى يعترف فيؤدّي
أو يحلف و ينصرف. الثانية: إذا مات رجل و أوصى الى رجل و ادّعى الوصي على الورثة
انّ أباهم أوصى شيء للفقراء و المساكين فأنكروا ذلك فالقول قولهم، فإن حلفوا سقطت
الدعوى، و إن نكلوا لم يمكن ردّ اليمين، لأنّ الموصى لا يجوز له أن يحلف عن غيره و
الفقراء و المساكين لا يتعيّنون و لا يتأتّى منهم الحلف فما الذي يفعل؟ قال قوم:
يحكم بالنكول و يلزم الحقّ، لأنّه موضع ضرورة، و قال آخرون: يحبس الورثة حتى
يحلفوا أو يعترفوا، قال: و هو الذي نقوله[1].
قال ابن
سعيد: و في الموضعين إشكال، لأنّ السجن عقوبة لم يثبت سببها[2]. و نحن
[1]
المبسوط: كتاب الشهادات فصل في النكول عن اليمين ج 8 ص 214.
[2] شرائع
الإسلام: كتاب القضاء المقصد الرابع في كيفية الاستحلاف ج 4 ص 92.