و هو موجود في حقّ المتزوّد، فإنّه إذا علم بعد الطريق و عدم ما يمسك
به رمقه فقد تحقّق خوف الهلاك لو لا التزوّد، فكان التزوّد مباحا.
و نصّ ابن
الجنيد على جواز التزوّد فقال: و لا بأس أن يحمل منها ما يتزوّد به إذا بلغ الى
مثل هذه الحال إذا خاف أن لا يجد غيرها.
و لقائل أن
يمنع ذلك، لعموم تحريم الانتفاع بالميتة، خرج منه ما يمسك المضطرّ به رمقه في
الحال، لدفع الضرورة الحالية، فيبقى ما عداه مندرجا تحت عموم التحريم.
[المطلب الثالث في جنس
المستباح]
قوله رحمه
اللّه: «كلّ ما لا يؤدّي الى قتل معصوم حلّ كالخمر لإزالة العطش، و قيل:
يحرم، و أمّا التداوي به فحرام ما لم يخف التلف و يعلم بالعادة الصلاح ففيه حينئذ
إشكال».
أقول: الكلام في
هذه المسألة انّ في جواز استعمال الخمر في موضعين:
أحدهما: إذا
حصل له العطش و خاف على نفسه التلف و لم يكن عنده ما يدفع العطش إلّا الخمر فهل
يجوز شربه؟ فيه قولان للشيخ:
أحدهما:
الجواز، و هو قوله في النهاية فإنّه قال في باب الأطعمة المحظورة و المباحة: و
انّما جوّز إذا خاف الإنسان على نفسه من العطش جاز أن يتناول شيئا من الخمر بقدر
ما يمسك رمقه[1]. و اختاره ابن البرّاج[2]، و ابن
إدريس[3].
[1]
النهاية و نكتها: كتاب الأطعمة و الأشربة باب الأشربة المحظورة ج 3 ص 111.
[2]
المهذّب: كتاب الأطعمة و الأشربة باب ما يتعلّق بذلك ج 2 ص 433.
[3]
السرائر: كتاب الأطعمة و الأشربة باب الأشربة المحظورة ج 3 ص 126.