فإن شرب قبل مشيئة زيد برّ، و إن قال زيد: قد شئت أن لا تشرب
انحلّت اليمين، لأنّها معلّقة بعدم مشيئته لترك الشرب و لم تنعدم فلم يوجد شرطها.
و لو قال: قد شئت أن تشرب أو ما شئت أن لا تشرب لم تنحلّ، لأنّ هذه المشيئة غير
المستثناة، فإن خفيت مشيئته لزمه الشرب، لأنّه علّق الشرب بعدم المشيئة و هي
معدومة بحكم الأصل».
أقول: هذا قول
الشيخ رحمه اللّه في المبسوط فإنّه قال فيه: إذا حلف ليدخلنّ الدار اليوم إلّا أن
يشاء فلان فقد ألزم نفسه دخولها اليوم و جعل الاستثناء مشيئة فلان، و مشيئة فلان
أن يقول: قد شئت أن لا تدخل، فإذا قال هذا صحّ الاستثناء و زالت اليمين، لأنّ
الاستثناء ضدّ المستثنى منه، فلمّا كانت اليمين إيجابا كان الاستثناء نفيا. فإذا
تقرّرت الصورة فإنّه يتخلّص منها بأحد أمرين: البرّ في يمينه- و هو الدخول- أو
وجود الاستثناء، فإذا لم يوجد واحد منهما حنث في يمينه، فإن قال:
فلان قد شئت
أن يدخل أو قال: أنا لا أشاء أن لا يدخل لم يوجد الاستثناء، لأنّه لم يأت بمشيئة
هي ضدّ ما حلف به. فإن خالف و لم يدخل أو غاب عنه حتى مضى الوقت حنث و جملته: إذا
حلف لا دخلت الدار إلّا أن يشاء فلان فقد منع نفسه من الدخول و جعل الاستثناء
مشيئة فلان، و المشيئة التي تقع في الاستثناء أن يشاء أن يدخل. فإذا ثبت هذا فإنّه
يتخلّص منها بأحد أمرين: البرّ و هو أن لا يدخل، أو الاستثناء و هو أن يشاء فلا أن
يدخل. فمتى وجد أحدهما سقط حكم اليمين، فإن