فَقَالَ: دَعْنِي مِنْ هَذَا، مَتَى كَانَ آبَاؤُهُ يَجْلِسُونَ عَلَى الْكَرَاسِيِّ حَتَّى يُبَايَعَ لَهُمْ بِوَلَايَةِ الْعَهْدِ كَمَا فَعَلَ هَذَا؟
فَقُلْتُ: وَيْلَكَ اسْتَغْفِرْ رَبَّكَ.
فَقَالَ: جَارِيَتِي فُلَانَةُ أَعْلَمُ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ قُلْتُ بِرَأْسِي هَكَذَا لَقَالَتِ الشِّيعَةُ بِرَأْسِهَا.
فَقُلْتُ: أَنْتَ رَجُلٌ مَلْبُوسٌ عَلَيْكَ، إِنَّ مِنْ عَقْدِ الشِّيعَةِ أَنْ لَوْ رَأَوْهُ وَ عَلَيْهِ إِزَارٌ مَصْبُوغٌ وَ فِي عُنُقِهِ كَبَرٌ يَضْرِبُ حَوْلَ هَذَا الْعَسْكَرِ، لَقَالُوا مَا كَانَ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَطْوَعَ لِلَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ، وَ مَا وَسِعَهُ غَيْرُ ذَلِكَ. فَسَكَتَ ثُمَّ كَانَ يَذْكُرُهُ عِنْدِي وَقْتاً بَعْدَ وَقْتٍ.
فَدَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْعَبَّاسِيَّ يُسْمِعُنِي فِيكَ وَ يَذْكُرُكَ، وَ هُوَ كَثِيراً مَا يَنَامُ عِنْدِي وَ يَقِيلُ، فَتَرَى أَنْ آخُذَ بِحَلْقِهِ وَ أَعْصِرَهُ حَتَّى يَمُوتَ، ثُمَّ أَقُولَ: مَاتَ مِيْتَةَ فَجْأَةٍ.
فَقَالَ، وَ نَفَضَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: «لَا يَا رَيَّانُ، لَا يَا رَيَّانُ، لَا يَا رَيَّانُ».
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْفَضْلَ بْنَ سَهْلٍ هُوَ ذَا يُوَجِّهُنِي إِلَى الْعِرَاقِ فِي أُمُورٍ لَهُ، وَ الْعَبَّاسِيُّ خَارِجٌ بَعْدِي بِأَيَّامٍ إِلَى الْعِرَاقِ، فَتَرَى أَنْ أَقُولَ لِمَوَالِيكَ الْقُمِّيِّينَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا كَأَنَّهُمْ قَاطِعُو طَرِيقٍ أَوْ صَعَالِيكُ، فَإِذَا اجْتَازَ بِهِمْ قَتَلُوهُ، فَيُقَالُ: قَتَلَهُ الصَّعَالِيكُ.
فَسَكَتَ فَلَمْ يَقُلْ لِي: نَعَمْ وَ لَا لَا.
فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الحوان [1] بَعَثْتُ فَارِساً إِلَى زَكَرِيَّا بْنِ آدَمَ، وَ كَتَبْتُ إِلَيْهِ: إِنَّ