هو كذلك يصوم دهره و لم يكن يأتى النساء كما لا يجوز للصائم أن
يأتيهن فى حال صومه[1]،
و الحج مثله مثل محمد صلى اللّه عليه و سلم و هو أول من أقام مناسك الحج و سنّ
سنته و كانت العرب و غيرها من الأمم تحج البيت فى الجاهلية و لا تقيم شيئا من
مناسكه كما أخبر اللّه تعالى عنهم بقوله: «وَ
مٰا كٰانَ صَلٰاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلّٰا
مُكٰاءً وَ تَصْدِيَةً»[2] و كانوا يطوفون به عراة فكان أول شيء نهاهم عنه ذلك فقال فى العمرة
التى اعتمرها قبل فتح مكة بعد أن وادع أهلها و هم مشركون: لا يطوفن بعد هذا بالبيت
عريان و لا عريانة، و كانوا قد نصبوا حول البيت أصناما لهم يعبدونها فلما فتح
اللّه مكة كسرها و أزالها و سن لهم سنن الحج و مناسكه و أقام لهم بأمر اللّه
معالمه و افترض فرائضه و كان الحج خاتمة الأعمال المفروضة و كان هو صلى اللّه عليه
و سلم خاتم النبيين، فلم يبق بعد الحج من دعائم الإسلام غير الجهاد و هو مثل سابع
الأئمة الّذي يكون سابع أسبوعهم الأخير الّذي هو صاحب القيامة و هو كما تقدم القول
فيما سمعتموه يعد سابعا للنطقاء إذ قد يجمع اللّه الناس كلهم على أمره فلا يدع
أحدا خالف دين الإسلام و حدود الإيمان إلا قتله و هو أحد أئمة محمد صلى اللّه عليه
و سلم و آخر إمام من ذريته و دعوته و دعوة جميع الأئمة إلى شريعة محمد صلى اللّه
عليه و سلم ففضله اللّه بذلك على سائر من تقدمه من المرسلين و جعل له دونهم
فضيلتين و مثلين الحج و الجهاد و إذا كان الّذي مثله مثل الجهاد من أهل دعوته و
شريعته و أحد أولاده و أئمة دينه فلذلك قام هو أيضا بالجهاد مع إقامة الحج، و
الجهاد ليس من أصل الأعمال إنما هو دعاء إلى اتباع الشريعة و قتل من امتنع من ذلك
و كذلك مثله الّذي هو خاتم الأئمة لا يكون فى وقته عمل كما أخبر تعالى عن ذلك
بقوله: «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيٰاتِ رَبِّكَ
لٰا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمٰانُهٰا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ
قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمٰانِهٰا خَيْراً»[3]، فلذلك كان محمد صلى اللّه عليه و سلم الّذي هو خاتم
النبيين مثله مثل الحج الّذي هو خاتم الأعمال و فرضه مرة واحدة فى العمر و لا يفوت
المرء ما دام حيّا إذا لحقه و إن مات قضى عنه بعد موته و كذلك يجرى هذه الأمثال فى
أسابيع الأئمة
[1]
و تتجلى النسبة بين عيسى و الصوم فيما أحاط بشريعته و أمته من الزهد و الرهبانية و
الصيام بجميع أنواعه.