مثلها مثل باطن الصلاة فهو ممنوع من الكلام بما يسمعه من سرها ما دام
محرما على ما تقدم ذكره فإن هو فعل ذلك فقد قطع ما وصله من أمر دعوته و خرج منها و
عليه أن يبتدئ ذلك بعد التوبة منه.
و يتلو ذلك
قول أبى جعفر محمد صلى اللّه عليه و سلم: ما كلم العبد به ربه فى الصلاة فليس
بكلام، فظاهر ذلك أن المصلى إذا دعا اللّه فى ظاهر الصلاة و سبح و قرأ و كبر و
تكلم بما هو فى حدود الصلاة من الكلام المباح فيها لم يكن ذلك كلاما يقطع صلاته
كما يقطعها من الكلام غيره، و تأويله أن الّذي كلم به المستجيب مربيه و داعيه و من
يفيده مما سمعه منه أو من غيره أو تأدى إليه أو استفهم عن ذلك أو كان ذلك المفيد
سأله عنه ليمتحن ما عنده فيه و كلمه فى ذلك لم يكن ذلك مما يلزمه فيه شيء كما
يلزمه لو قد تكلم بذلك غيره، و ليس ذلك من الكلام المحظور عليه المنهى عنه.
و يتلو ذلك
ما جاء عن على صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: أقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه و
سلم فى أول عمرة اعتمرها فأتاه رجل فسلم عليه و هو فى الصلاة فلم يرد عليه فلما
صلى و انصرف قال أين المسلم على قيل ذهب فقال إنى كنت أصلي و إنه أتانى جبرئيل
فقال انه أمتك أن يردوا السلام فى الصلاة.
و قال عليه
الصلاة السلام: كنت إذا جئت النبي صلى اللّه عليه و سلم استأذنت فإن كان يصلى سبح
فعلمت ذلك فدخلت و إن لم يكن يصلى أذن لى فدخلت.
و عن جعفر
بن محمد صلى اللّه عليه و سلم أنه سئل عن الرجل يريد الحاجة و هو فى الصلاة قال:
يسبح، فهذا هو الواجب فى ظاهر الصلاة ألا يتكلم المصلى فيها ورد السلام من الكلام
و السلام مما تقطع به الصلاة و قد تقدم القول بذلك و بتأويله و أنه لا يجوز من
الكلام فى الصلاة فى الظاهر إلا ما خاطب به العبد ربه، و ذكرنا تأويل ذلك و الّذي
جاء من رد المصلى على من يكلمه أو الأمر الّذي يريده بأن يسبح، فذلك لأن التسبيح
مما يذكر فى حدود الصلاة و هو تنزيه اللّه عن الأشباه و الأمثال و عن كل ما يليق
به و عن جميع صفات خلقه، و قد ذكرنا ذلك فيما تقدم فإن سبح المصلى فى ظاهر صلاته
لم يقطع ذلك صلاته، و كذلك تأويل التسبيح الّذي ذكرنا أنه تنزيه اللّه و توحيده
فليس على المستجيب المحرم و غير المحرم من القول به و ذكره لمن