responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تأويل الدعائم نویسنده : القاضي النعمان المغربي    جلد : 1  صفحه : 212

فى الدنيا و عليه يبعثون يوم القيامة و ذلك تأويل طول أعناقهم أى تمام ظاهر دينهم و كماله فمن لم يكن كذلك فى الدنيا من المؤذنين الظاهرين و الباطنين فليس ممن عنى بهذا القول و إنما عنى به منهم أهل الفضل فى أحوالهم و الكمال فى ظاهرهم و باطنهم.

و يتلو ذلك قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قد ذكر فضل الأذان فقيل له يا رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) إنا لنخاف أن تتضارب عليه أمتك بالسيوف لفضله فقال أما إنه لن يعدو ضعفاءكم، تأويل ذلك أن الأذان فى الظاهر قل من يقوم به إلا [1] ضعفاء الناس و كذلك دعوة الحق المستورة فى حال الخوف و التقية قل من ينتدب إليها من الدعاة إلا ضعفاء الناس و المخمولون فيهم ليدخلوا فى غمار الناس و يستتروا فيهم و كذلك كانوا فى حال ذلك إلى أن أظهر اللّه دعوة الحق بظهور مهدى الأمة و كاشف جلباب الظلمة و إخباره رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بذلك ما بين به ما يكون من المحن التى يستتر فيها المؤمنون و يستضعفون و وصفهم بالضعف و الخمول فى غير خبر جاء عنه من ذلك قوله صلى اللّه عليه و سلم: «المؤمن ضعيف فى نفسه قوى فى دينه» و قوله: «كم من ضعيف مستضعف أشعث أغبر ذى طمرين لو أقسم على اللّه لأبره» و على ذلك حال أكثر أولياء اللّه و أتباعهم فى كل أمة إلا من أعزه اللّه لينتصر به لدينه و ينتقم به من أعدائه منهم و إنما يوصف بالشدة و الغلظة و ظاهر القوة فى الدنيا المتغلبون فيها من الكفار و الفراعنة و أعوانهم و ذلك لأن الدنيا هى دارهم و فيها رغباتهم و همتهم و بذلك وصفهم اللّه فى كتابه بأنهم أشد قوة و أكثر جمعا و أولياء اللّه و أتباعهم فى الدنيا كالغرباء الضعفاء إذ ليست الدنيا دارهم و لا فيها رغباتهم و لكن اللّه تعالى يؤيد منهم يشاء بنصره و يظهرهم على أعدائه و ينتقم بهم ممن أشرك به لئلا يكون الناس كما قال تعالى أمة واحدة إذا قوى أهل الكفر به و ظهروا على أهل الدنيا بقوتهم فجعل تعالى من أوليائه من يفل حدهم و يكسر شوكتهم و يذلهم ليعبد فى أرضه و لئلا يذل أولياؤه و لذلك بعث من بعث من رسله بالسيف و بعث بعضهم دعاة مستضعفين فى الأرض و كذلك بعث محمدا رسوله صلى اللّه عليه و سلم فأقام كذلك مدة ثم أيده بفرض الجهاد على أمته و إشهار السيف على أعدائه فأعزه و أعز أنصاره و أذل بهم من ناوأهم و بقوا على ما كانوا عليه من الرقة و الرحمة فى أنفسهم و من ذلك قوله تعالى فى صفاتهم: «أَشِدّٰاءُ


[1] من (فى ع).

نام کتاب : تأويل الدعائم نویسنده : القاضي النعمان المغربي    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست