و ماء البحر و الّذي يتطهر به و يشرب الماء العذب و هو على درجات فى
العذوبة و الرقة و الفضل و من الماء ما يحل شربه و استعماله و لا ينجس ما أصابه و
لا يجزى الطهور به و ذلك مثل ماء الورد و ماء النواوير و ما يصعد من المياه من
الخضر و غيرها و من الماء ماء إذا تغير لونه أو ريحه أو طعمه لم يجز شربه و لا
الطهور به و ذلك هو الّذي تغير ذلك منه من النجاسات و من الماء ماء يتغير لونه و
ريحه أو طعمه فلا يجوز به الطهارة و يحل شربه و لا ينجس ما أصابه و ذلك ما كان من
الماء قد خالطه ما يحل و لا يحرم كالعسل و اللبن أو ما قد خالطه خبز أو تمر أو
زبيب أو غير ذلك من المأكول و ظهر فيه و غلب عليه مما لم يكن مسكرا فلا بأس بشربه
و لا يتنجس ما وقع عليه و لا يجوز الطهارة به و من الماء ماء يحول ريحه و لونه و
طعمه و يتطهر به و يغتسل و يشرب منه و ذلك كالماء الآجن الّذي يكون كذلك يستحيل فى
الآنية و المصانع من غير نجاسة أصابته إلا أنه يتقادم فيتداخله ذلك فليس ذلك مما
يفسده و لا يحرمه و لا ينقله عن حد الطهارة و لكل شيء من ذلك مثل من العلم فى
الباطن و أصل ذلك فى أن الماء فى الظاهر إنما يستعمل للطهارة و الشرب فمثل الطهارة
مثل الظاهر لأنه إنما يطهر به ما ظهر من جسد أو ثوب و غير ذلك مما تصيبه النجاسات
و الأوساخ فينال ذلك عن ذلك بالماء الظاهر و مثل الشرب مثل الباطن لأنه إذا شرب
صار إلى باطن الجسد و جرى فى أجزائه الباطنة فمثل الماء العذب، الطاهر الّذي يغتسل
و يتطهر به و يشرب منه مثل العلم الّذي يجرى فى الظاهر و الباطن و يرادان به معا و
يلزم المؤمن استعماله و العمل به فى ظاهر دينه و باطنه و لا يكون الباطن به مخصوصا
به دون الظاهر و لا الظاهر مخصوصا به دون الباطن بل يخرجان منه معا مخرجا واحدا و
يجريان فيه كذلك معا و هو أكثر ما تسمعون من علم أولياء اللّه الّذي يشد و يثبت
باطنه ظاهره و ظاهره باطنه و يتطابقان معا و لا يختلفان، و مثل الماء الّذي تجوز الطهارة
به و لا يشرب فهو من العلم ما قصد به الظاهر وحده دون الباطن كالذى يبتدئ به
المستجيب من العلم الظاهر الّذي لا يفتح له فيه فإن تعاطى المستجيب استخراج باطنه
و استعمله فى الباطن لم يكن ذلك إلا عن استكراه و لم يعذب له و لم ينتفع به بل
يضره ذلك و إن أكثر منه أهلكه كما يكون الّذي يشرب ماء البحر و الماء الملح لا
يشربه إلا عن استكراه و شدة ثم لم ينتفع مع ذلك به و لا يعذبه بل يضره و إن