الدار المغصوبة لا تجزئ، و الى ذلك ذهب أبو علي، و أبو هاشم [1]، و
من عداهما من المحققين المدققين[1].
و قال سائر
الفقهاء: إن الصلاة في الدار المغصوبة و الثوب المغصوب مجزئة[2].
الدليل على
صحة ما ذهبنا إليه الإجماع المقدم ذكره، و أيضا فإن من شرط الصلاة أن تكون طاعة و
قربة، و لا خلاف في هذه الجملة، و كونها مؤداة في الدار المغصوبة يمنع من ذلك، ألا
ترى أن عاقلا لا يجوز أن يتقرب الى الله تعالى بما يعلمه قبيحا و معصية؟! و أيضا
فإن من شرط الصلاة، أن ينوي بها إذا كانت واجبة أداء الواجب، و كونها في الدار
المغصوبة يقدح في النية و يمنع منها.
و لا شبهة
في أن الصلاة في الدار المغصوبة قبيحة و معصية، و من يظن من الفقهاء خلاف ذلك و
يعتقد أنها طاعة، و يزعم أن فعله لها منفصل من الغصب له، فقد فحش خطاؤه، لأن العقل
دال على قبح تصرف الغاصب في الدار، لانه ظلم، و يجزي تصرفه في الدار مجرى تصرفه في
المال المغصوب، و صلاته في الدار ليس سوى تصرفه فيها. ألا ترى أن قيامه و قعوده و
ركوعه و سجوده يمنع صاحب الدار من تصرفه فيها، فقد صار من جملة الغصب هذا التصرف.
و لا فرق بين أن يقوم في الدار و يقعد بغير اذن مالكها، و بين أن يجعل فيها متاعا،
فلو كان قعوده ليس بغصب لكان شغل الدار بالمتاع ليس بغصب.
[1]
أبو هاشم عبد السلام بن أبي على محمد الجبائي. كان هو و أبوه من كبار المعتزلة،
عالم بالكلام، و أخذ عن والده، له تصانيف منها «الجامع الكبير» و «الشامل» و
«تذكرة المعالم» و «العدة» توفي سنة 321 ه- ببغداد.
انظر:
وفيات الأعيان 3: 183- 383، تاريخ بغداد 11: 55- 5735، سير اعلام النبلاء 15: 63،
ميزان الاعتدال 2: 618- 5061.
[2]
المجموع شرح المهذب 3: 164، المستصفى 1: 77- 78، المعتمد في أصول الفقه 1: 181.
[3]
المجموع شرح المهذب 3: 164، حلية العلماء 2: 60، المغني لابن قدامة 1: 722،
المبسوط للسرخسي 1: