و قال أبو حنيفة و أصحابه، و الثوري، و الأوزاعي، و ابن حي، و
الشافعي، و داود: بالمسح على الخفين[1].
دليلنا على
صحة ما ذهبنا إليه بعد الإجماع المتكرر قوله تعالى وَ امْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ[2].
فأوجب تعالى
إيقاع المسح على ما هو رجل على الحقيقة، و قد علمنا أن الخف لا يسمى رجلا في لغة و
لا شرع و لا عرف، كما أن العمامة لا تسمى رأسا، و البرقع لا يسمى وجها.
و ليس لهم
أن يعترضوا بقول القائل: وطأت كذا برجلي، و إن كان لابسا للخف، لأن ذلك مجاز و
اتساع بلا خلاف، و المجاز لا يحمل عليه الكتاب إلا بدليل قاهر.
و يدل على
ذلك أيضا ما روي عنه عليه السلام من أنه توضأ مرة مرة و قال: «هذا وضوء لا يقبل
الله الصلاة إلا به»[3].
و لا خلاف
أنه أوقع الفعل في تلك الحال على الرجل دون الخفين، فوجب مطابقة الخبر و لا يجوز
إيقاعه على غيرهما.
و ليس لأحد
أن يدعي في الآية و هذا الخبر جميعا: أنهما إنما يتناولان من كان ظاهر الرجل دون
لابس الخف، لأن ذلك تخصيص العموم بغير دليل.
و يدل على
ذلك أيضا ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من أنه قال: «نسخ
[1]
المبسوط للسرخسي 1: 97- 98، الأم 1: 48، الاستذكار لابن عبد البر 1: 275، المجموع
شرح المهذب 1: 476، حلية العلماء 1: 160، مغني المحتاج 1: 63، بداية المجتهد 1:
19، المغني لابن قدامة 1: 283.
[3] سنن
ابن ماجة 1: 145- 420، السنن الكبرى للبيهقي 1: 80، مسند أبي يعلى 9: 448- 5598،
مجمع الزوائد، 1: 239، أحكام القرآن للجصاص 3: 364، تاريخ بغداد 11: 28.