و عن أبي ذر قال: قام رسول الله بنا ليلة فقام بآية يرددها و هيإِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ
عِبادُكَ[2]الآية
و قال ص: لما نزل عليه قوله تعالىإِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ
وَ النَّهارِ لَآياتٍ[3]الآية
ويل لمن قرأها و لم يتفكر فيها
. الخامس الاستنباط و هو أن يستوضح من كل آية ما يليق بها إذ ما من علم
إلا و في القرآن أصله و فرعه و مبدؤه و منتهاه قال ابن مسعود من أراد علم الأولين
و الآخرين فليثور[4]القرآن و أعظم
علوم القرآن علم أسماء الله و صفاته و أفعاله و علم الآخرة أما علم الصفات و
الأسماء فلم يدرك منه أكثر الخلق إلا ما يناسب طورهم و يليق بأفهامهم و أما أفعاله
فوقف مداركهم على الجلي منها و هو صورة السماوات و الأرض و ما بينهما فليفهم
التالي المدبر منها حقائقها أي طبائعها أولا و هو علم الطبيعيات و علم الخلقة ثم
هيئاتها و أوضاعها و حسن ترتيبها و نظمها و هو علم التعليميات و علم القدر ثم
مبادئها و غاياتها و هو علم المفارقات و علم القضاء و الملكوت ثم انتقل بفكره من
الأفعال إلى الصفات و الأسماء و هو علم التوحيد إذ الفعل يدل على الفاعل فيدل على
عظمته و من لم يعرف من الفعل إلا الحركة و المقدار لم يعرف من الفاعل إلا المحرك
المصور و من لم يدرك من الفعل إلا النقوش أو الألوان أو الروائح أو الطعوم فلم يكن
يعتقد الفاعل إلا نقاشا أو صباغا أو عطارا أو طاعما فينبغي أن يتدبر في الفعل
تدبرا كاملا بحده و حقيقته ليشهد في الفعل الفاعل دون الفعل و من عرف الحق رآه في
كل شيء إذ كل شيء منه و إليه و به و له فهو الكل على التحقيق في وحدته و من لا
يراه في كل ما يراه فكأنه ما عرفه
قال أمير المؤمنين ع: ما رأيت شيئا إلا و رأيت الله فيه
و من عرفه عرف أن كل شيء ما خلا الله باطل و أن كل شيء هالك إلا
وجهه[5]أي هالك إن
اعتبر شيئيته و وجوده لنفسه لا أن يعتبر وجوده من