نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 567
العلوية أفضل العنصريات فهي إذا متنفسة ذو حياة و إلا لكان بعض ما هو
دون الشيء في الفضل أفضل منه و هذا محال و إذا كان متنفسة فطبيعتها التي هي مبدأ
حركتها إنما هي نفسها لأن طبيعة كل متنفس بما هو متنفس نفسه و الحي إنما هو جسم ذو
نفس فالأجرام الأثيرية كلها حية لا ميت فيها لما ستعلم و مما يوضح ما ذكرنا من كون
الأجرام العلوية كلها حية أن المانع من قبول الفيض الأفضل الذي يكون في الأجسام هو
التضاد و التفاسد في البسائط و الكثافة الطبيعية الحاصلة عن البعد عن الاعتدال أ
لا ترى أن الأجسام البسيطة المتضادة إذا امتزجت ازدادت في قبول الفيض الرباني حتى
إذا أمعنت في الخروج عن التضاد و توسطت إلى حاق الاعتدال استعدت لقبول الذات الفيض
أي الجوهر الحي و هو الروح النطقي فما ظنك بأجرام كريمة صافية دورية الحركات دائمة
الأشواق يترشح من حركاتها و أشواقها البركات و الخيرات على ما دونها و معلوم أن التأثير
الإلهي و الفيض الرباني يظهر أولا في العرش الأعظم الذي بمنزلة قلب العالم و قد
ورد أن القلب عرش الله و يبدأ الفيض من الجرم الأقصى فيمر بالأفلاك و بتوسطها يصل
إلى الأجسام الأرضية على ما أوضحته أفاضل الفلاسفة و لو لم يكن في عالم السماوات
من الشرف و الفضيلة ما ليس لغيرها من الجرميات لما جرى على لسان أكثر المليين و
الأمم أن الله على السماء و لم ترفع إليها الأيدي في الدعاء و لما ورد قوله تعالىالرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى[1].
و أما الأجرام الأسطقسية الكائنة الفاسدة التي هي تحت السماء الدنيا
فلم تصلح لبعدها عن الصفاء و الضياء و تضادها في الصور و الكيفيات إلا ظل ذلك
الفيض و هي الطبيعة السائلة المستحيلة المتجددة المنفعلة على الدوام لا تستقر على
وجودها أبدا ثم تخلصت و بعدت من التضاد بالتركيب قبلت زيادة من الفيض حتى ينتهي
إلى باب العالم الأرضي الذي كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء و هو الإنسان
و إذا بلغ إلى درجة العقل و المعقول اتصل بالروح الأعظم و الفيض الأتم كاتصال
الفلك