نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 484
الذات فرداني الوجوب من غير شوب ماهية أو إمكان أو تغير أو تكثر و له
غاية العظمة و الجلالة و التقديس من صفات الأجسام و الأحياز و الأمكنة و الأزمنة فهذه
و أمثالها غاية معرفتهم و هي و إن كانت صحيحة بوجه لكنها ليس معها الوصول إلى أصل
الأصول و إنما هي بذر المشاهدة و شبح المقصود.
و مثل هذا الاستدلال ليس إلا من وراء الحجاب و هل مثل هذه المعرفة
إلا كمعرفة من يرى ظل الشخص القائم في الشمس به و هو في البيت لا يراه لكن يعلم
يقينا أن ثمة شخصا قائما لكنه لا يعلم من هو و ما حقيقته و ذاته و نعوته الشخصية
لعدم شهوده إياه فهو كالأعمى يلمس سطوح شخص فيدرك بآلة لمسه بعض صفات ملموسه و لا
يشاهده و لا يعلم حقيقته و لا جميع صفاته الحقيقية فأصحاب الأدلة العقلية هم
كالذين قال تعالى فيهمأُولئِكَ
يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ[1]لأنهم
يجعلون الحق بعيدا عن أنفسهم خارجا عن ذواتهم و ذوات الممكنات ممتازا عن جميع
وجودات ما سواه حتى المفارقات صادرا منه الموجودات الممكنة و الحق يخبر عن نفسه
أنه قريب بقولهوَ
إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ[2]وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ
الْوَرِيدِ[3]وَ نَحْنُ
أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ[4]وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ[5]بل يخبر أنه هو الأول و الآخر و الظاهر و
الباطن و هو بكل شيء عليم[6].
و في هذه الآيات جعل نفسه عين كل ما ظهر و ما بطن و هو أعلم بذاته من
غيره و قوله حق و صدق و الإيمان به واجب و القرب هنا و إن كان غير القرب الذي بين
جسمين و لا ما بين جسم و عرض و لا ما بين عرضين في محل واحد و لا ما يجري مجراها و
لكنه كالقرب بين الحقيقة و ما يتعين به و إذا كان هذه السبيل غير موصلة فالاهتداء
إليه تعالى إما بإخباره تعالى عن نفسه بألسنة رسله و تراجمة أمره أو بتجليه لعباده
و إشهاده