نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 342
إن تلك الذوات إما أن يكون متحيزة أو لا يكون أما الأول ففيه أقوال
أحدها أنها أجسام لطيفة هوائية تقدر على التشكل بأشكال مختلفة مسكنها السموات و
هذا قول أكثر الظاهريين و هو من سخيف القول و ثانيها قول طوائف من عبدة الأصنام إن
الملائكة في الحقيقة هي هذه الكواكب الموصوفة بالإنحاس و الإسعاد فإنها عندهم
أحياء ناطقة و إن المسعدات منها ملائكة الرحمة و المنحسات منها ملائكة العذاب و
ثالثها قول معظم المجوس و الثنوية و هو أن هذا العالم مركب من أصلين أزليين و هما
النور و الظلمة و هما في الحقيقة جوهران شفافان مختاران قادران متضاد النفس و
الصورة مختلفا الفعل و التدبير فجوهر النور فاضل خير نقي طيب الريح كريم النفس يسر
و لا يضر و ينفع و لا يمنع و يحيي و لا يبلي و جوهر الظلمة على ضد ذلك في جميع هذه
الصفات ثم إن جوهر النور لم يزل يولد الأولياء و هم الملائكة لا على سبيل التناكح
بل على سبيل تولد الحكمة من الحكيم و الضوء من المضييء و جوهر الظلمة لم يزل يولد
الأعداء و هم الشياطين على سبيل تولد السفه من السفيه لا على سبيل التناكح فهذه
أقوال من جعل الملائكة أشياء متحيزة جسمانية. القول الثاني أن الملائكة ذوات قائمة
بأنفسها و ليست بمتحيزة و لا بأجسام فهاهنا قولان أحدهما قول طائفة من النصارى و
هو أن الملائكة في الحقيقة هي الأنفس الناطقة بذاتها المفارقة لأبدانها على نعت
الصفاء و الخيرية و ذلك لأن هذه النفوس المفارقة إن كانت صافية خالصة فهي الملائكة
و إن كانت خبيثة كدرة فهي الشياطين و ثانيها قول الفلاسفة و هو أنها جواهر قائمة
بأنفسها ليست بمتحيزة البتة و أنها بالماهية مخالفة لأنواع النفوس الناطقة البشرية
و أنها أكمل قوة منها و أكثر علما و أنها للنفوس البشرية جارية مجرى الشمس بالنسبة
إلى الأضواء ثم إن هذه الجواهر على قسمين منها ما هي بالنسبة إلى أجرام الأفلاك و
الكواكب كنفوسنا الناطقة بالنسبة إلى أبداننا و منها ما هي أعلى شأنا[1]من تدبير أجرام الأفلاك بل هي مستغرقة في
معرفة الله و محبته مشتغلة بطاعته و