نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 273
و دلائلهما مخبوة كلها في ذاتك مخزونة جلها في صفاتك و آياتك فإنك
نسخة وجيزة من كل كتابي الآفاق و الأنفس أما نفسك الناطقة فهي زبدة أنموذج من مفصل
عالم الأرواح و أما صورة هيكلك فهي خلاصة مختصرة من مشروح عالم الأشباح على ما
أخبر الله تعالى عن إراءة هذه الآثار بقوله عز و جلسَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى
يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ[1]و
بقولهوَ فِي أَنْفُسِكُمْ
أَ فَلا تُبْصِرُونَ[2]و أحسن إدمان
النظر في الآيات و الأسرار المبثوثة و تأمّل في الحكم المكتوبة في عالم الملك و
الملكوت و لا تكن ممن ذمهم الله تعالى من المعرضين عن التدبر في آيات الآفاق و
الأنفس بقولهوَ
كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَ هُمْ
عَنْها مُعْرِضُونَ[3]و هم الجهلة و
الغفلة بل الكفرة الفجرة حقا و إن كانوا مقرين باللسان ظاهرا خوفا من السيف و هربا
من الجور و الحيف و لهذا عقيب هذه الآيةوَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ
مُشْرِكُونَكيف سمى المؤمن
مشركا أي المؤمن في الظاهر مشرك في الباطن كما قالوَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ[4]فإنك
إن أحسنت إدامة النظر فيهما تكون من المحسنين إذ قد عبدت رائيا له و الإحسان أن
تعبد الله كأنك تراه و إنما قلنا عبدته رائيا لأن النظر إلى الصنع المحكم من جهة
أنه صنع نظر إلى الصانع الحكيم بعينه سيما صانع حكيم كل كلي و جزئي عنه و له و
إليه و به فتفطن بقول الخليل ع حيث حكى الله عنهرَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى[5]و قد طلب بذلك رؤية الحق ضمنا أدبا مع الله كما هو عادته
و بقول الحبيب ص: حيث قال رب أرنا الأشياء كما هي
و قد طلب الرؤية له و لأمته لما علما صلى الله عليهما أن رؤية الصنع
و النظر إلى حكمة الكون نظر إلى الصانع الحكيم و كما أن غاية الإيجاد لجميع الموجودات
هي ذاته تعالى فغاية المعرفة بالأشياء أيضا عرفان ذاته و غاية رؤية الصنع بما هو
صنع رؤية نفس الصانع و لهذا جعل الله غاية