نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 145
و هي علوم كشفية لا يكاد النظر يصل إليها إلا بذوق و وجدان كالعلم
بكيفية حلاوة السكر لا يحصل بالوصف فمن ذاقه عرفه و ذلك على وجهين الوجه الأول
إلقاء الوحي و هو أن النفس إذا كانت مقدسة عن دنس الطبيعة و درن المعاصي مطهرة عن
الرذائل الخلقية مقبلة بوجهها إلى بارئها و مشيتها متوكلة عليه معتمدة على إفاضته
فالله تعالى ينظر إليها بحسن عنايته و يقبل عليها إقبالا كليا و يتخذ منها لوحا و
من العقل الكلي قلما و ينقش من لدنه فيها جميع العلوم كما قالوَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً[1]و يصير العقل الكلي كالمعلم و النفس
القدسي كالمتعلم فيحصل جميع العلوم له و يتصور الحقائق من غير تعلم كما في قوله
مخاطبا لنبيه صما
كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً
نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا[2]و قولهوَ
عَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ[3]و
هذا النحو من العلم أشرف من جميع علوم الخلائق لأن حصوله عن الله بلا واسطة و كان
أعلم الناس ص
يقول: أدبني ربي فأحسن تأديبي
. الوجه الثاني و هو الإلهام و هو استفاضة النفس بحسب صفائها و
استعدادها عما في اللوح و الإلهام أثر الوحي و الفرق بينهما بأن الوحي أصرح و أقوى
من الإلهام و الأول يسمى علما نبويا و الثاني لدنيا و إنما كان كالضوء من سراج
الغيب يقع على قلب صاف فارغ و ذلك لأن العلوم كلها موجودة في النفس الكلية التي هي
من الجواهر المفارقة الأولية المحضة و نسبتها إلى العقل الكلي كنسبة حواء إلى آدم
و قد بين أن العقل الكلي أشرف من النفس الكلية فمن إفاضة العقل الكلي يتولد الوحي
و من إشراق النفس الكلية يتولد الإلهام.
و في أحاديث أئمتنا ع
ما رواه مروان بن مسلم عن يزيد عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع: في
قوله عز و جلوَ
ما أَرْسَلْنا