نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 463
و مبشرة للقلوب، و هي آراء أولياء الله تعالى و اعتقاد الخلص من
عباده الصالحين، و مذهب الربانيين، الذين أسلموا لربهم و لم يشركوا معه لا سرا و
لا علانية.
و هم الذين صفت نفوسهم من دون شهوات الجسمانية و طهرت أخلاقهم من العادات
الردية و نقيت عقولهم من الجهالات و الآراء الفاسدة و صانوا جوارحهم من لأعمال
السيئة و ألسنتهم عن الفحشاء و المنكر و ذكر مساوي الناس و لم يعترضوا على الله في
شيء من تدبير خلقه لا إسرارا و لا إعلانا، لا يضمرون لأحد من الخلق سوءا و لا
معاداة، و الحدس يحكم بأن هؤلاء أهل الجنة كما وصفهم الله تعالى"وَ عِبادُ الرَّحْمنِ، الَّذِينَ
يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً، وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا
سَلاماً".
و الغرض من ذكر هذا الكلام هاهنا، أن من أشكل عليه تحقق العلاقة و
المناسبة الذاتية بين الأمر الذي يسمى بالذنب و المعصية في عالمنا هذا و بين
الاحتراق بالنار و التعذيب بالجحيم و الزقوم و تصلية جحيم، و كذا بين المسمى
بالطاعة و العبادة و بين الجنة و الرضوان و التنعم بالفواكه و الحور و الغلمان و
سائر الموذيات الجحيم و ملذات الجنة و النعيم.
فليعلم أن هذه الأفعال المحمودة التي هي الطاعات، إنما يراد لأجل
اكتساب الأخلاق الحسنة، و كذلك الأفعال المذمومة إنما يترك لأجل أنها ينجر إلى
الأخلاق السيئة.
فالغرض من الأعمال أفعالا كانت أو تروكا، إنما هو تحسين الأخلاق و
الملكات و تبديل السيئات بحسنات، بتوفيق من الله تعالى و تأييد منه كما قال في حق
الخلص من عباده:
و كما أن في الدنيا كل صفة يغلب على باطن الإنسان و يستولي على نفسه
بحيث يصير ملكة لها، يوجب صدور أفعال منه مناسبة لها بسهولة يصعب عليه صدور أفعال
أضدادها غاية الصعوبة و ربما بلغ ضرب من القسم الأول حد اللزوم، و ضرب من الثاني
حد الامتناع لأجل رسوخ تلك الصفة.
لكن لما كان هذا العالم دار الاكتساب و التحصيل، قلما يصل الأفعال
المنسوبة إلى الإنسان الموسومة بكونها بالاختيار في شيء من طرفيها حد اللزوم و
الامتناع بالقياس إلى قدرة الإنسان و إرادته دون الدواعي و الصوارف الخارجية، لكون
النفس متعلقة بمادة
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 463