نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 414
معذبا أبدا لما قرروه، فيلزم أن يكون ما اكتسبه الصلحاء و الأتقياء
لنيل الدرجات يوجب حرمانهم عن الجنات و اللذات و أن لا يكونوا في الجنة أبدا و لم
يكن لهم لذات قطعا.
و هذا قول شنيع و قد صرحوا بخلافه و أجمع الكل على أن الصالح المتقي
في الجنة أبدا و إن لم يحصل في الدنيا شيئا من غوامض العلوم و دقائق الأسرار.
فعلم مما ذكر أن وجود الجنة و النار و سائر الأحوال الآخرة على الوجه
الذي يفهم الجمهور و العوام و يصل إليه أفهام الأنام، حق مطابق للواقع بحسب
الاعتقاد به يقينا، و من أنكر شيئا منها، فقد ركب شططا، و كان أمره فرطا.
هداية توضيحية
إن كل قوة من القوى الإنسانية لها لذة و كمال يخصها و ألم و نقص
يناسبها، و بحسب ما كسبه أو اكتسبه يلزم في الطبيعة الجزاء الكامل للقوى كما قرره
الحكماء من إثبات الغايات الطبيعية لجميع المبادي و القوى، سواء كانت عالية أو
سافلة، عقلية أو حسية" فلِكُلٍّ
وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها".
و من أيقن بهذا أيقن بلزوم عود الكل و لم يشتبه عليه عدم كفاية
البعض، و هذا مقتضى الحكمة و الوفاء بالوعد و الوعيد و لزوم الجزاء على ما يراه
المحققون من الحكماء من لزوم المكافاة في الطبيعة و المجازاة و امتناع وجود معطل
في الطبيعة إياما عديدة و ثبوت مبطل مدة مديدة.
و تقرير آيات قرآنية كثيرة و أحاديث نبوية غير يسيرة بل متكاثرة
متوافرة في هذا الباب بحيث لا مجال فيها للتأويل و لا مندوحة للصرف عن الظاهر و
التحويل.
كلمة فرقانية و حجة كلامية
إن في الكلام الإلهي آيات بينات مبينات لإمكان الوقوع بمقتضى الحكمة
في النشأتين، منها قوله تعالى بأن أشار إلى إثبات إمكانه بكونه تعالى قادرا على
أمور يعرف بها و منها هذا و أوضح هذه الطريقة بأمور:
الأول ما وقع في الواقعة جوابا عن شبهة أصحاب الشمال من المجادلين،
فإنهم قالوا:
"أَ إِذا
مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً، أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ، أَ وَ آباؤُنَا
الْأَوَّلُونَ*" قال الله
تعالى:
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 414