نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 411
الموت الطبيعي للإنسان إنما يكون بسبب فناء الحرارة الغريزية له و
تناهي القوة الجسمانية في الفعل و الانفعال. و النفس و إن كانت جوهرا مجردا في
ذاتها لكنها مادية في تأثيرها و تأثرها كما أشرنا إليه، من أن هذا الوجه غير تام
عندنا. فإن الفاعل لقوى البدن و الحافظة لمزاجه و المفيض لحرارته الغريزية هي
النفس المتدرجة في الكمال و الاستكمال.
و القابل الأول هي الهيولى الأولى المعراة عن الكمية و المقدار، و
برهان تناهي التأثير و التأثر لا يجري إلا في المنقسمات.
ثم إن النفس عند أوان نقصها و أول تكونها، لم يكن عاجزة عن حفظ
المزاج عن الفساد و الزوال و ضبط التركيب عن الانحلال و الاضمحلال، بل كان فعلها
في البدن التكميل و الإنماء و الزيادة في التغذية على حد الاكتفاء، فإذا قويت في
التجوهر و كملت في الوجود، كيف عجزت عما قويت عليه نفس الطفل و الجنين بمراتب و
ضعفت عن إبقاء شيء مما كانت تحدثه أولا من كمية البدن و الأعضاء في حالة الإنماء.
فالحق أن كل نفس بحسب جبلتها و فطرتها متوجهة إلى عالم آخر مرتحلة من
حيث غريزتها الذاتية إلى مرحلة خارجة عن مراحل الدنيا مسافرة من أول منزل تكونها و
منذ أول حدوثها إلى الله تعالى، لأنها جاءت منه فيعود إليه.
و لفظ المعاد دال على هذا المعنى، فإن الرجوع و العود يقتضي المجيء
و السابقية، و يستوي في هذا السفر الذاتي إلى الحق تعالى، و الميل الغريزي إليه
المطيع و العاصي و المنعم و المعذب و الكافر و المسلم، و الجميع في حكم واحد فيما
ذكرنا. إذ المخالفة الشرعية لا ينافي الطاعة الطبيعية، و العالم بأسره مطيع لله
تعالى و لجميع أجزائه عبودية ذاتية و دين فطري و الكل على سنة واحدة"وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ
تَبْدِيلًا*" إلا أن بعض
الناس لأجل سلطان الوهم و استيلاء الشيطان عليهم"نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ"
و
الله يقول:"وَ
نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"
و
مع ذلك بعدوا عن الحق بعدا شديدا و ضلوا ضلالا بعيدا، فاحترقوا بنار جهنم التي
كأنها شعلة من نيران الحرمان، و البعد
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 411