نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 32
العرفاء.
فإنها و إن كانت مقربة من جهة لكنها مبعدة من جهات أخرى، كالتمثيل
بالبحر و الأمواج و النور و الأظلال، و كالتمثيل بالشعلة المجتالة و النقطة
النازلة و الحركة التوسطية التي كل منها أمر بسيط شخصي مستمر الوجود، راسم
للتجددات، متكثر النسب اللاحقة المتجددة- مع أن ذاته تعالى بذاته مبدأ أن ينتسب
إليه الأشياء بالارتباط الصدوري، فينتزع منه الوجود الانتزاعي، و راسم الماهيات و
فاعل الإنيات غير داخل فيها و لا مباشر لها، و إنما هو قيوم بذاته يلزمه نسب
لاحقة، و إضافات عارضة، فإن حقيقة الحقة أرفع و أقدس من أن يقاس بغيره.
و لا يتوهمن أيضا من قول المحققين من الحكماء: أن حقيقته تعالى صرف
الوجود و موجودية الممكنات بالارتباط إليه، كون وجود الحق صفة للممكن عارضا
لماهيته كما هو مذهب الجمهور في مفهوم الوجود المطلق بالنسبة إليها- تعالى- و لهذا
قيل: معيته تعالى بالماهيات الممكنة ليست إلا قيوميته تعالى، مع أن معيته بها أشد
في باب المعية من معية العارض بالمعروض، و المعروض بالعارض لكن لا يلزم بسببها اختلاط
الواجب بالممكن و حصول التغيير و التجزي في ذاته (تعالى) و اتصافه بصفات المحدثات
من التلوث و التقذر.
كما قال سيد الأولياء- صلوات الله و سلامه عليه-:" مع كل شيء
لا بمقارنة، و غير كل شيء لا بمزايلة.".
و من توهم من العامية ضعفاء العقول أنه يلزم من معيته تعالى
بالماهيات الممكنات- كما هو رأي المحققين من الحكماء و الموحدين من الصوفية،
ممازجته، و ملابسته بالقاذورات و الأشياء الخبيثة. فما فهم من المعية المذكورة إلا
ملابسة الجسمانيات بعضها مع بعض، و ما ترقى فهمه إلى معية النفس مع البدن.
بل لعمري لو تفطن بمعية النور المحسوس بالأجسام حيث لا يلزم من
ملابسة الأنوار بالقاذورات تلطخها و تلوثها- بها لما وقع في هذا الظن الفاسد في
حقه- تعالى- بل الحق كما تبين مما ذكرناه أن معيته تعالى بالماهيات ليست إلا
قيوميته لها- مع أنا لا نعلم كنهها.
و الحاصل مما ذكرناه و مما تركناه مخافة أن يعسر دركه على الأفهام:
أن الممكن في
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 32