نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 23
تأييد استبصاري
كل من تأمّل و تفكر في كيفية وقوع أمور العالم من الأفلاك و الكواكب
و الأمهات و المواليد و حصولها على الوجه المخصوص و احتياج بعضها إلى بعض و انتفاء
بعضها عن بعض مرتبطة منتظمة بلا خلل و لا قصور في المنفعة الكلية واقعة على النحو
الواجب في الحصول الكمال الكلي و النظام الجملي كوقوع أجزاء بدن الإنسان في مواقعها
الخاصة لحصول الكمال الجزئي و النظام الشخصي تفطن و تحدس أن وقوعها على هذا الوجه
الأكمل النافع في المصلحة الكلية ليس بحسب البخت و الاتفاق فإن كون الأرض مثلا ذات
لون غبراء ليقف عندها الضياء و كون غيرها من العناصر و الأفلاك ذات أشفاف في
الطباع لينفذ فيها ساطع الشعاع و يحصل الحرارة الغريزية في المركبات و يعد لحصول
الصور الطبيعية في الممتزجات إلى غير ذلك من الأشياء الواقعة على الوجه الأحسن
الأليق ليس حصولها أمرا واقعا على سبيل البخت و الاتفاق و إلا لما دام على النهج
الانتظام و الاتساق و لا أن طبيعة كل منها جبلت على وجه يترتب عليها الغاية الكلية
و المنفعة الكاملة و النظام الفاضل التام فإنه لو لم يكن العناية البالغة و
التقدير المحكم فمن أين كانت يهتدي الحيوانات الضعيفة و الأجسام النباتية بخصائص
مصالحها فانظر كيف يهتدي النحل للأشكال المهندسة بلا تعلم و روية و البذر لأن يحرك
العروق إلى الأسفل ليلتصق بالمواضع الصالحة و يستمد الغذاء من جهتها بالامتصاص و
يخرج الورق الكثير بين الفواكه ليسترها عن صنوف آفاتها و أمثال هذه الأمور مما لا
يمكن حصره و عده.
فتيقن أن موجد هذا العالم و مدبره على الوجه النافع الشريف صانع حكيم
واجب بالذات.
بل وجود الواجب تعالى كما قيل أمر فطري فإن العبد عند الوقوع في
الأهوال و صعاب الأحوال يتوكل بحسب الجبلة على الله تعالى و يتوجه توجها غريزيا
إلى مسبب الأسباب و مسهل الأمور الصعاب و لو لم يتفطن لذلك و لذلك ترى أكثر
العرفاء مستدلين على إثبات وجوده و تدبيره للمخلوقات بالحالة المشاهدة عند الوقوع
في الأمور الهائلة كالغرق و الحرق.
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 23