responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 217

و لا كالإنسان الواحد الذي يتولى بنفسه الطحن و العجن و الخبز، فإن هذا نوع من الاعوجاج و العدول عن العدل، سببه اختلاف صفات الإنسان و دواعيه، فإنه لم يوجد وحداني الصفة و الداعية، فلم يكن وحداني الفعل، و لذلك ترى الإنسان يطيع الله تعالى تارة و يعصيه أخرى لاختلاف صفاته و دواعيه، و ذلك غير ممكن في طبائع الملائكة، بل هم مجبولون على الطاعة لا مجال للمعصية في حقهم فلا جرم" لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ‌"،" يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ‌"، و الراكع منهم راكع أبدا، و الساجد منهم ساجد أبدا، و القائم منهم قائم أبدا، لا اختلاف في أفعالهم و لا فتور، لكل واحد منهم مقام معلوم، و طاعتهم الله تعالى من وجه يشبه طاعة طرفك لك، فإنك مهما جزمت الإرادة بفتح الأجفان لم يكن للجفن الصحيح تردد و اختلاف في طاعتك مرة و معصيتك أخرى، بل لا يستطيع خلافا لك و لا عصى لأمرك، و لكن هذا يخالفها من وجه آخر، إذ الجفن لا علم له بما يصدر منه من الحركة فتحا و إطباقا و الملائكة أحياء و عالمون بما يفعلون.

فهذه نعمة الله تعالى عليك و عنايته لك في الملائكة الأرضية، فارفع رأسك و أصعد نظرك من هذه الجهة إلى مشاهدة أنعم الله عليك بعنايته من الأسباب المرتبة المنتهية إلى خلق الأجفان و حركتها، حتى يقيس عليها سائر ما أوجده الله تعالى فيك و أسبابه المنتهية إليه، إذ الأجفان مثلا لا يقوم إلا بالعين، و لا العين إلا بالرأس، و لا الرأس إلا بجميع البدن، و لا البدن إلا بالغذاء، و لا الغذاء إلا بالأرض و الماء و النار و الهواء و الغيم و المطر و الشمس و القمر، و لا يقوم شي‌ء منها إلا بالسماوات إلا بالمدبرات من الملائكة العملية، و لا المدبرات إلا بالملائكة العقلية، و لا الجميع إلا بأمر الله و إرادته و قضائه و قدره، فإن الكل كالشي‌ء الواحد يرتبط البعض منه بالبعض ارتباط أعضاء الإنسان. فمن كفر نعمة واحدة كفتح العين مثلا فقد كفر نعم الله في الوجود كله من منتهى الثرى إلى منتهى الثريا، فلم يبق ملك و لا فلك و لا حيوان و لا نبات و لا جماد إلا و يلعنه، و لذلك ورد في الأخبار أن البقعة التي يجمع فيها الناس إما أن يلعنهم إذا تفرقوا أو يستغفر لهم. و كذلك ورد أن العالم يستغفر له كل شي‌ء حتى الحوت في البحر، و أن الملائكة يلعنون العصاة، في ألفاظ كثيرة لا يمكن إحصاها.

نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست