نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 157
واحد بلا اختلاف- فإن وجودات المخلوقات هي بعينها روابط فيض الحق و
تجلياته-، فوجود كل ممكن ليس إلا جهة من جهات كمال الحق و وجوده و ابتهاجه بذاته،
منطو فيه ابتهاجه بجميع أفعاله و آثاره. كما أن علمه بها منطو في علمه بذاته.
ثم إن طبقات وجود الخلائق متفاوتة قربا و بعدا من المبدإ الأعلى شرفا
و خسة كمالا و نقصا. فأحق الخلق بمحبة الحق هو أشرف الممكنات و أقربها إليه تعالى
في سلسلتي البدء و الرجوع و الآخرة و الأولى.
ثم يتلوه في المحبة ما يتلو في النسبة و يقربه في درجة الوجود، و
هكذا متدرجا إلى الأحب فالأحب حتى ينتهي إلى أخس الموجودات و أنجس العاصيات، و هو
إبليس من الأحياء و الهيولى الجسمية من الأموات. و هما من أنقص الأبدان و الأشباح
و أعصى النفوس و الأرواح.
و لو تيسر للزمخشري و غيره من المتكلمين المنكرين لعناية الله تعالى
ما تيسر للعارفين الواجدين لكرامة الله تعالى على خلقه و فرط لطفه و رحمته عليهم،
المطلعين على المحبة الخالية عن القصور و النقص، التي هي بالحقيقة ترجع إلى
ابتهاجه بوجود ذاته المنبعثة عنها كل خير و كمال و زينة و جمال، لما أنكروها.
لكنهم لاشتغالهم بغير الله و آياته احتجبت عنهم هذه المعرفة. بل لحصر عقولهم في
عالم الشهادة لا يهتدون من الحق إلا إلى مجرد مفهوم الوجود و لا يتطرقون إلى حريم
الكشف و الشهود و لم يعلموا أن القوم قد بلغوا في مرتبة الذوق و الإيمان إلى أتم
من المحسوس و جادوا من فرط الشوق و الوجدان بالأرواح و النفوس.
قرىء عند الشيخ أبو سعيد المهنى- قدس سره- قوله تعالى"يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ." فقال:" بحق يحبهم،
فإنه ليس يحب إلا نفسه".
على معنى أنه كل الوجود و ليس في الوجود غيره، كمن لا يحب إلا نفسه و
أفعال نفسه و تصانيف نفسه فلا يتجاوز حبه ذاته و توابع ذاته من حيث هو متعلق بذاته
فهو إذن لا يحب إلا نفسه.".
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 157