responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 362

فالحسّ كالبصر مثلا يأخذ الصورة عن المادة و يجردها عنها، لكن لا يجردها عن اللواحق من اللون و الوضع و غيرهما، بل مع هذه اللواحق و مع وقوع نسبة بينها و بين المادة.

و أما الخيال، فإنه يجرد الصورة المنزوعة عن المادة تجريدا أشد لكنه لا يجرّدها عن اللواحق المادية بالكلية.

و أما الوهم، فإنه قد تعدّى قليلا عن هذه المرتبة في التجريد لأنه يدرك أمورا غير مادية في ذاتها و يأخذها عن المادة إذا عرض لها أن يكون في مادة. فهذا النزع و التجريد أشد استقصاء و أقرب إلى حاق كنه الشي‌ء و ذاته من التجريدين السابقين إلا أنه مع ذلك لا يجرد الصور عن لواحق المادة بالكلية، بل يأخذها جزئية و بالقياس إلى مادة مخصوصة و بمشاركة من الخيال.

و أما القوة العاقلة، فالصور المستثبتية فيها إما صور ليست مادية في نحو من أنحاء الوجود أصلا، و أما صور ليست مادية في ذاتها و لكن قد يعرض لها التعلق بالمادة أو صور وجودها الخارجي و وجود مادي، و لكن قد تجردتها العاقلة عن المادة و ملابسها و غواشيها تجريدا تاما و نزعا محكما حيث وصلت إلى حاق كنهها و تلاقت ذاتها بلا حجاب من أمر غريب. و كما أن كل معلوم إذا كان وجوده الإدراكي مع غواشي المادة كان محسوسا لا معقولا لمصادفته عوارض غريبة ممتنعة عن الانطباق على كثير منه و إذا كان في جوهر غير جسماني كان معقولا لا محسوسا لخلوه عنها، فكذلك من جانب المدرك إذ كل قوة مدركة جسمانية تدرك صورة، فتلك الصورة لا محالة تحل في مادتها، إذ لو تحل فيها مجردة عن المادة لكان لتلك القوة قوام و وجود دون المادة فلم تكن جسمانية، هذا خلف، فلزم من ذلك إن تلك الصورة المدركة لتلك القوة لم تكن خالية من الغواشي التي توجب محسوسيتها و عدم انطباقها على كثيرين. و كل جوهر قدسي تحل فيه صورة إدراكية، فيمتنع أن يكون معها أمور مادية من اللون و الوضع و غيرهما، فهي لا محالة معقولة غير ممتنعة الاشتراك لعدم المادة و غواشيها.

فإن قلت: لم صار الوضع و اللون و غيرهما إذا قارنت الجسم صيرته مشارا إليه محسوسا و إذا قارنت الجوهر العاقل لم تصيّره كذلك؟

نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 362
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست