نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 11
و قد تنازع قدماء الفلاسفة في ترجيح أحد من الرياضي و الطبيعي على
الآخر في الشرف و الفضل فكلّ قد مال إلى طرف بحجج مذكورة في أسفارهم، و الحقّ أن
الحكم الجزم بفضيلة أحدهما مطلقا على الآخر غير سديد بل كل واحد أفضل من وجه. أمّا
الطبيعي فله وجوه [فلوجوه]:
الأول:أن يبحث عن
المبدأ للحركة و السكون و هو أمر جوهري، و الرياضي بحث عن الكم و عوارضه و هو أمر
عرضي، و الجوهر و الجوهري أشرف من العرض و العرضي.
و الثاني:أن القوى
الحالّة في الأجسام لها التأثير و العلّية و الكمّية، و لواحقها معلولة تابعة
للقوى الجسمانية، و المتبوع أفضل من التابع.
و الثالث:أنّ الطبيعي في
الأغلب يعطى اللم و الرياضي يعطى الآن و معطي اللم أفضل.
و الرابع:هو ما ذكر من
أنّ الطبيعي موضوعه و أحوال موضوعه أمور حقيقية واقعة في الأعيان و الحساب و
الهندسة أكثرهما مبني على التوهمات و الأمر المتحقق الذات له وجود في نفسه أشرف من
الأوهام.
و الخامس:أن الطبيعي
يشتمل على علم النفس و هي أم الحكمة و أصل الفضائل، و النفس هي العادة الماسحة و
هي أم الصناعة و معرفتها أشرف المباحث بعد إثبات المبدأ الأعلى و وحدانيته، و
الجاهل بمعرفتها لا يستحق أن يقع عليه اسم الحكمة و إن اتقن سائر العلوم، فالعلم
المشتمل على معرفتها أفضل من غيره.
و أما الرياضي فهو أشرف من الطبيعي لوجوه أخر، منها: أنه أقرب إلى
الأمور المجرّدة عن المواد بالكلية فهو واسطة إلى الإلهي، فهو أفضل. و منها: أنّ
الأحوال الوهمية و الخيالية غير متناهية و الفسحة هناك لا تقف عند حد فهو أفضل مما
هو محصور بين الحواصر، و منها: أنّ الأمور الرياضية أصفى و ألطف و ألذّ و أتمّ من
الأمور المكدرة الجسمانية، و منها قلة التشويش و الغلط في براهينه العددية أو
الهندسية بخلاف الطبيعي بل الإلهي، و من أجل ذلك قيل: إدراك الإلهي و الطبيعي من
جهة ما هو أشبه، و أخرى لا باليقين.
أما الأول:فلكونه ما وراء
مدركات الحواس بالكلية و استعلائه عن إحاطتها به.
و أما الآخر:فلتغيّر حال
العنصر و خفاء حال المغشوّ بالأغشية الجسمانية على
نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 11