أما[2]أصحاب الكمون فقد دعاهم إلى ذلك أنه من المستحيل أن يتكون شىء من لا
شىء،[3]إذ اللاشىء لا يكون موضوعا للشىء. فإذا كان كذلك فالمتكون، إن كان
موجودا، فتكونه[4]عن شىء. فقد كان الشىء قبل تكونه. و المتكون[5]هو ما لم يكن قبل تكونه. فالمتكون غير متكون، هذا خلف.
و إذ[6]قد صح بالعيان أنه قد يكون شىء عن شىء فليس التكون ما يذهب[7][8][9]إليه؛ بل هو البروز عن الكمون. و حسب بعضهم[10]أن الاستعداد لأكوان بلا[11]نهاية
يحوج إلى أن يكون العنصر المستعد له بغير نهاية، فجعل[12]الأجزاء المتشابهة عنده لما يكون[13]عنه أجزاء بلا نهاية، كيلا يضطر تناهى المادة إلى انقطاع الكون.
و أما أصحاب الأسطقس[14]الواحد
فإن جميعهم اشتركوا، أول شىء، فى حجة واحدة. فقالوا: لما رأينا الأشياء الطبيعية
يتغير[15]بعضها إلى بعض، و كل متغير فإن له[16]سببا[17]ثابتا[18]فى التغير هو الذي يتغير من حال إلى حال، فيجب من ذلك أن يكون لجميع
الأجسام الطبيعية شىء مشترك محفوظ، و هو عنصرها.