نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 2 صفحه : 84
فمنهم من يرى حركاتها حادثة عن حركات قبلها بلا نهاية، كل حركة عن
صدمة عن حركة عن صدمة، و أنها ربما ارتبكت[1]و اجتمعت[2]فتحابست[3]عن الحركة.
و منهم من يرى لبعض أشكالها خفة، و لبعضها ثقلا. و كلهم لا يرون
لطبائع هذه الأجرام كونا و لا فسادا.[4]و
لكنهم يرون أن للمركبات منها كونا و فسادا، و أن كونها عنها و فسادها إليها،[5]و أن الكون هو باجتماعها، و أن فسادها بافتراقها،[6]و أن استحالتها باختلاف الوضع و الترتيب لتلك الأجزاء فى المجتمع
منها.
أما الترتيب فمثاله أن هذه الأجزاء لو كانت حروفا مثلا، فوقع منها
ترتيب فى الجهات على مثال[7]هجاء
مليك، ثم حال التركيب، فصار على هجاء كليم.[8]فحينئذ لم يكن عندهم قد فسد؛ إذ لم[9]يتفرق. و لكن يكون عندهم قد استحال.
و أما الوضع فأن يكون مثلا كلاهما مليكا،[10]لكن أحدهما قد[11]كتب
فيه الحروف على الترتيب المكتوب و جهات رءوس[12]الحروف تلك[13]الجهات[14]لها، و الآخر إن حرفت أوضاع الحروف عن ذلك،[15]فكتب مثلا هكذا ميك،[16]حتى
صارت اللام جهتها إلى[17]غير
جهة الكاف.
و هؤلاء قد تعدوا هذا إلى أن جعلوا الاستحالة أمرا بالقياس إلى
الإدراك و الإحساس، لا على أنها موجودة فى طبائع الأمور. و قالوا،[18]و ذلك كاللون المحسوس فى طوق الحمامة. فإنه إذا كان على وضع[19]ما من الناظر إليه رؤى أسود، و إذا صار له منه وضع[20]آخر رؤى أرجوانيا، و أنه ليس فى نفسه سوادا و لا أرجوانية؛ بل ذلك له
بالقياس إلى الناظر.