نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 42
و هذه العلوم لا تشارك كلها[1]العلم الطبيعى في المسائل البتة، و كلها ينظر في الأشياء التي لها من
حيث هى ذوات كم، و من حيث لها عوارض الكم التي لا يوجب تصور عروضها للكم أن يجعلها[2]كما في جسم طبيعى فيه مبدأ حركة و سكون لا يحتاج إلى ذلك.
و أما علم الهيئة فموضوعه أعظم أجزاء موضوع العلم[3]الطبيعى، و مبادئه طبيعية و هندسية. أما الطبيعية فمثل أن حركة
الأجرام السماوية يجب أن تكون محفوظة على نظام واحد و ما أشبه ذلك مما استعمل كثير
منه فى أول المجسطى. و أما الهندسية فما[4]لا يخفى و يخالف سائر تلك العلوم في أنه يشارك الطبيعى في المسائل
أيضا، فيكون موضوع مسائله شيئا من موضوعات مسائل العلم الطبيعى، و المحمول فيه
أيضا عارض من عوارض الجسم الطبيعى و محمول في مسائل العلم الطبيعى، مثل أن الأرض
كرية و السماء كرية و ما أشبه ذلك. فهذا العلم كأنه ممتزج من طبيعى و من تعليمى،
فإن[5]التعليمى المحض مجرد لا في مادة البتة، و كان هذا موقع لذلك المجرد
في مادة معينة. لكن المقدمات المبرهن بها على المسائل المشتركة لصاحب الهيئة و
الطبيعى مختلفة. أما مقدمات[6]التعليمى
فرصدية مناظرية أو هندسية، و أما مقدمات الطبيعى فمأخوذة مما توجه طبيعة[7]الجسم الطبيعى و ربما خلط الطبيعى فأدخل[8]المقدمات التعليمية[9]في
براهينه، و خلط التعليمى فأدخل المقدمات الطبيعية في براهينه.
و إذا[10]سمعت الطبيعى يقول: لو لم تكن الأرض كرية لم يكن فصل الكسوف القمرى
هلاليا، فاعلم أنه قد خلط[11]. و
إذا سمعت التعليمى[12]يقول: و أشرف الأجرام له أشرف الأشكال و هو المستدير و أن أجزاء
الأرض يتحرك إليها[13]على الاستقامة و ما أشبه ذلك، فاعلم أنه قد[14]خلط.
و انظر كيف يختلط الطبيعى و التعليمى في البرهان على أن جرما ممّا[15]من البسائط كرى. أما التعليمى فيستعمل فى بيان ذلك ما يجد عليه حال
الكواكب[16]في شروقها و غروبها و ارتفاعها عن الأفق و انخفاضها، و ان ذلك