نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 318
مكانه و يسكن فى مكانه[1]، و كلاهما طبيعى له. فكذلك
ربما جاز أن يكون هذا الجسم تستقيم حركته فى غير مكانه، و تستدير حركته فى مكانه[2]، و يكونان كلاهما طبيعيين
فى اختلاف الحالين. و إنما لا تلزم[3]هذه[4]، لأن الحركة المستقيمة ليست
طبيعية[5]على الإطلاق على ما شرحناه[6]، بل الطبيعى هو الأين الذي
تقتضيه طبيعة الشيء إذا لم يكن عائق، فإذا فارق اقتضت هذه الطبيعة الرد[7]إليه و إلى موضع معين منه، و يكون المبدأ[8]فيهما واحدا.
و أما الحركة المستديرة، فإن المبدأ الذي أثبتنا[9]أنه يوجبها بالطبع، يوجبها كيف كان و دائما، إن كانت طبيعية على
الإطلاق، و إن كانت ليست بطبيعية مطلقة، بل هى كالمستقيمة التي تقتضيها الطبيعة
عند عارض، كان ذلك[10]عند فقدان الوضع الطبيعى، فيجب أن تقف عند وجدانه. و كان يجب أن يكون
الطبيعى هو[11]وضع ما بعينه إلا أنه ليس كذلك، فإنه ليس كما أن أينا أولى بالجسم من
أين، كذلك[12]من الوضع الذي له في الأين[13]المتشابه وضع أولى به من وضع. فبين أن هذا الميل لا يكون حادثا عند
الوصول إلى المكان الطبيعى، بل إن كان فيكون على القسم الآخر، و هو أنه يكون معه
دائما. فإذا كان في الجسم مبدأ حركة مستقيمة، وجب أن تجوز[14]مفارقة هذا الجسم لمكانه الطبيعى، حتى يتحرك عن غير الطبيعى إليه[15]بالاستقامة، و أن يكون في جسم واحد بسيط إذا كان فى غير مكانه
الطبيعى ميلان: ميل إلى الاستقامة، و ميل عنه إلى الاستدارة. فيكون في جوهر واحد
أمور متقابلة موجودة معا، و ليست مما يجرى مجرى متقابلات تمتزج حتى يكون بينها
وسط، فإن الوسائط أمور كأنها[16]تمتزج
من[17]الطرفين. و إنما تمتزج القوى امتزاجا يؤدى إلى الوسط، إذا[18]كان من شأن كل واحد[19]منها
أن يقبل الأقل و الأكثر قبولا لا يصرف إلى الجهة الأخرى، فيكون الحاصل ليست قوتين،
بل قوة واحدة هى[20]أضعف و أنقص من الطرفين.
و لكن الاستقامة و الاستدارة لا تقبلان الاشتداد و التنقص[21]، بأن تأخذ الاستقامة قليلا
قليلا إلى الاستدارة