نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 306
أنه متحرك إلى تلك الجهة، و من ذلك أنه متحرك إلى[1]مكان ما، و من ذلك أنه متحرك إلى حيث كليته. فيشتبه[2]الأمر و يشكل فلا ندرى أنه إلى أى واحد من هذه الأشياء يتحرك. و لو
كان الماء يطلب الجهة، و النهاية فى نزوله إلى أسفل، لما وقف دون حد وقوف[3]الأرض، و لما طفا على الأرض[4]و لما رسب فى الأرض. و كذلك حال الهواء، لو توهم[5]جزء منه مقسورا إلى حيز[6]النار،
فوجد[7]ينتقل من حيز النار إلى حيز نفسه.
و ستعلم أنه لا يكون لحيز واحد جسمان بالطبع، حتى يكون لك أن تقول:
إن الأرض و الماء يطلبان جهة واحدة و حيزا واحدا، لكن الأرض أغلب و أسبق، و كذلك
الهواء و النار يطلبان جهة واحدة و حيزا واحدا، لكن الأرض أغلب و أسبق، و لو كان
الهواء يطلب ما تطلب[8]النار لكنه يعجز عن مساوقتها[9]إليه[10]. لكنا إذا وضعنا أيدينا على شطر من الهواء، أحسسنا باندفاعه إلى فوق،
كما إذا حبسناه[11]فى إناء تحت الماء. و لو كان يطلب المتحرك المكان فقط، و المكان هو
سطح الجسم الذي يحويه، و الطبيعى هو سطح الجسم[12]الذي يحويه بالطبع، لكان[13]الماء
يقف فى الهواء حيث كان لأنه فى سطح الجسم الطبيعى الذي يحويه، و لكانت النار
المتصعدة تطلب أن يشتمل[14]عليها
مكان هو سطح فلك[15]. و هذا الطلب محال، لأنه إنما يماس طائفة من سطح الفلك من جهة، و لو
كان يطلب الكلية لكان الحجر المرسل من رأس البئر[16]يلتصق بشفيرها[17]، و لا يذهب[18]غورا، فإن الاتصال بالكل هناك أقرب مسافة و لكان الحجر يصعد، لو
توهمنا إن كليته زال عن موضعه. فكان[19]حينئذ
لا يخلو إما أن يكون بالطبع، يميز جهة دون جهة،[20]و هذا محال، أو يكون قد انفعل عن الكلية انفعالا آخر من جهة أخرى،
فتكون حركته إلى الكلية ليس عن طباعه و لكن تجذب الكلية إياه. و قد فرضنا حركته
طبيعية، و على أنه يستحيل أن يفعل الشيء فى شبيهه فعلا و أثرا بالطبع، من حيث هو
شبيهه[21]إلا بالعرض، و لكانت الأرض الصغيرة كالمدرة أسرع انجذابا من الكبيرة.
فالذى يجب أن يعتقد فى هذا، هو أن الحركة الطبيعية تطلب الحيز
الطبيعى و تهرب من غير الطبيعى، لا مطلقا و لكن مع ترتيب من أجزاء الكل مخصوص، و
وضع مخصوص من الجسم الفاعل للجهات. فإن[22]الجهة عينها[23]غير