نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 301
بل يكفى لها محرك واحد ثابت، و يصلح أن تكون أصناف[1]ما يحدث من المناسبات المختلفة بين ذلك المتحرك و بين الأجسام
الأخرى، أسبابا لانبعاث حركات و استحالات أخرى.
فبين من هذا أن أقدم الحركات ما كان على الاستدارة، فإنها أقدم
الحركات المكانية و الوضعية، و هذا الصنف من الحركات أقدم[2]من سائر الحركات الأخرى بالشرف[3]أيضا، لأنه لا يوجد إلا بعد استكمال الجوهر جوهرا بالفعل، و لا يخرجه[4]عن جوهريته بوجه من الوجوه، و لا يزيل أمرا له فى ذاته، بل يزيل[5]نسبة[6]له إلى أمر من[7]خارج،
و يخص[8]المستديرة بأنها تامة لا تقبل الزيادة، و لا يجب فيها الاشتداد و
الضعف، كما يجب فى الطبيعة[9]أن
تشتد أخيرا فى السرعة، و القسرية أن تشتد، كما يقال وسطا، و لا شك أنها تضعف أخيرا[10]. و الجرم الذي له الحركة المستديرة بالطبع هو أقدم الأجرام، و به
تتحدد[11]جهات الحركات الطبيعية للأجرام الأخرى.
و إذ قد[12]استوفينا تحقيق هذه المعانى، فبالحرى أن نجمع الفصول التي للحركات، و
نقول: أولا[13]كل ما ينسب إليه صفة فإما أن يقال تلك الصفة التي[14]له بذاته، بأن تكون الصفة موجودة فيه كله، مثل ما يقال أن الثلج
أبيض.
و إما أن لا تكون[15]بالحقيقة
موجودة فى كله، و لكنها بالحقيقة فى جزئه، مثل ما يقال إن الإنسان يرى و إن العين
سوداء. و إما أن تقال بالعرض على الإطلاق بأن لا تكون فيه، بل فى شيء يقارنه، كما
يقال إن البناء يكتب و كما يقال للبياض إنه ينتقل عند ما ينتقل الأبيض. فالمتحرك و
المحرك إما أن يقال له ذلك لذاته مطلقا أو للجزء، كما يقال فلان يكتب و إنما تكتب
يده أو فلان يتحرك و إنما تتحرك يده. و إما أن يقال بالعرض مطلقا كما يقال للساكن
فى السفينة أنه يتحرك. فمنه ما ليس من شأنه البتة أن يوصف بذلك، كالبياض إذا قيل
إنه يتحرك، و منه ما شأنه ذلك[16]، كالمسمار المسمر فى
السفينة. و كذلك المحرك قد يكون بالعرض و غير[17]مطلق، على ما قيل فى[18]أبواب
سلفت[19]. و الحركة إذا كانت فى ذات الشيء فقد[20]تنبعث عن طبيعته، لا من خارج و لا بإرادة و لا قصد[21]، كنزول الحجر. و قد تنبعث
عنه بالإرادة، و قد تكون بسبب[22]قسرى
من خارج كصعود الحجر. و الطبيعى و الإرادى