نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 255
إنه ليس شرط[1]القرب
من المحيط أن يكون قريبا من كله، بل من شيء[2]منه، و إن كان غاية البعد من شيء آخر[3]منه و ذلك لأنه لا يقرب من شيء منه[4]غاية القرب إلا صار على غاية البعد من مقابله بالوضع و ليس[5]بالطبع، فإن أجزاء المستدير لا مقابلة لها إلا[6]بالعرض الوضعى الإضافى المسافى، فإنها و إن كانت[7]من حيث المسافة غاية البعد فليس من حيث الطبع و من حيث القرب و البعد
الذي فى الطبع بغاية البعد، بل لا بعد هناك من هذه الجهة، بل هناك[8]اتفاق من حيث أنها تلى طبيعة واحدة و جسما واحدا.
فبهذا نعلم صورة الجهات التي تتحرك إليها الأجسام الطبيعية. فلنتكلم
الآن فى جهات الأجسام المتحركة على الاستدارة. و أما المتحرك بالاستدارة[9]فهو على[10]قسمين:
أحدهما المتحرك لا على مركز نفسه، بل على مركز خارج فهذا يمكن أن تعين له جهة
إليها يتحرك، و جهة عنها يتحرك، و يشبه أن يكون أحدهما قداما له و الآخر خلفا. و
أما جهة اليمين و اليسار فيشبه أن[11]يكون
الجهة التي لو كان هذا حيوانا كان ذلك يمينا له أولى أن يسمى يمينا من مقابلها[12]على التشبيه، و إن كان لا شيء فى طبيعة ذلك الجسم توجب أن نختلف به
الجهتان، كما يوجب جانبا الحيوان[13]ذلك
فى الحيوان. و أما فوق هذا المتحرك المفروض و أسفله[14]، فيشبه[15]أن يكون ما بلى ناحية الأرض جهته[16]السافلة، و ما يقابلها[17]جهته[18]العالية فتعين[19]ذلك
له، لا من[20]ذاته بعينه كما للحيوان، و لا من حركته بعينه كما للمتحركات الثقيلة
و الخفيفة، بل بالقياس إلى أجسام أخرى. و أما المتحرك بالاستدارة على مركز فى
داخله و يشتمل هو عليه، فيشبه أن لا يكون ما قيل فيه من أنه قد تتحدد له جهات ست
كما للحيوان أمرا على الجهة التي قبل، بل أول ما يتحدد فيه و عن[21]ذاته قطبان و منطقة، و لا يحتاج فى[22]تحدد القطبين و المنطقة إلى شيء غير جسميته و حركته التي على الصفة
المذكورة. فإن[23]كان محتويا على جسم آخر تحددت له جهة تلى[24]ما يشتمل عليه، و جهة أخرى بخلافها، تحددا ليس يحتاج فى ذلك إلى أن
يكون متحركا الحركة[25]التي له، بل و إن كان ساكنا كان له ذلك، لكن إذا اعتبر حركته على ما
يشتمل عليه منها و نوسب بين أجزائه أو نقط[26]تفرض فيه، و بين أمثالها من المشتمل