نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 9 صفحه : 368
من الحرارة الطبيعية لأنه معفن و الحرارة يعطي التعفين في الأجسام
القابلة للتعفن- و هذا القدر كاف في تقوى النار أعادنا الله منها في الدارين
انتهى.
و هذا الكلام و إن كان مبناه على المقدمات الخطابية و التمثيلات
إلا أنه إذا استقصى عاد برهانيا و لو لا مخافة الإطناب لأوضحناه على وجه الحكمة و
سبيل البرهان و إياك أن تحمل كلامه على أن جهنم ليست إلا هذا العالم تحت الفلك
الأقصى لما مر أن جهنم هي من النشأة الآخرة و إن كانت صورتها هي مال الدنيا و
باطنها و حقيقتها و الذي ذهب إليه هذا المحقق من أن نضج فواكه الجنة و طبخ طعامها
بحرارة هذا العالم و أشعة الكواكب سببه[1]أن الإنسان إنما يتكون و ينمو و يتم خلقته و
تكمل طبيعته باستحالات و انقلاب تطرأ على مادته لا يمكن ذلك إلا بحرارة غريزية
محللة و تلك الحرارة مستفادة من حركات الأجرام الفلكية و أشعتها كما ثبت في مقامه.
ثم إن استكمال الإنسان بحسب كلتا قوتيه النظرية و العملية أنما يتم
بالحركات البدنية و الفكرية و الحركة تحتاج إلى الحرارة و الحرارة و الحركة
متصاحبتان لا ينفك إحداهما عن الأخرى و كما أن جميع الحركات في هذا العالم ينتهي إلى
حركات الأفلاك سيما الفلك الأقصى فكذلك جميع الحرارات الغريزية و الأسطقسية تنتهي
إلى أضواء الكواكب سيما ضوء الشمس كما يظهر عند التفتيش و الاعتبار و الاستقراء ثم
لا يخفى عليك- أن كل مادة مصورة بصورة أدنى إذا انتقلت إلى أن تلبس بصورة أعلى
فذلك أنما يكون بأن يحصل لها بصورتها الأولى شبه التعفن و الهضم و الانكسار كالحبة
المدفونة في الأرض- فما لم تضعف صورتها الجمادية و لم يتعفن باستيلاء الحرارة
عليها لم تقبل صورة نباتية- و كذا القياس في انتقالات النطفة في أطوارها النباتية
و الحيوانية و كذا الحكم في الترقيات الواقعة في النفس فإنها مسبوقة بانكسارات و
انهضامات نفسانية منشؤها الحركات البدنية في النسك البدنية و الحركات الفكرية في
النسك العقلية و الكل منوط بحركات الأفلاك
[1]أي إسناد إلى العلة البعيدة و قد فسرناه بالإعداد و أما
سببه القريب فهو الملكة الحميدة و التعديلات الأخروية و التطييبات سببها تعديلات
أخلاق النفس و حرارات حب الله و السلوك إليه و سرعة السير إلى الله، س ره
نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 9 صفحه : 368