نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 9 صفحه : 229
ثالثها النشأة الثالثة
و هي عالم الصور العقليات و المثل المفارقات فالنشأة الأولى بائدة
داثرة متبدلة زائلة بخلاف الأخيرتين و خصوصا الثالثة و هي مأوى للكمل و مرجع
الكاملين و معاد المقربين و الإنسان حقيقة مجتمعة بالقوة من هذه العوالم و النشئات
بحسب مشاعره الثلاثة مشعر الحس و مبدؤه الطبع و مشعر التخيل و مبدؤه النفس و مشعر
التعقل و مبدؤه العقل و النفس الإنسانية في بداية تكونها و أول خلقتها هي بالقوة
في نشئاتها الثلاث لأنها كانت قبل وجودها في مكمن الإمكان و كتم الخفاء كما قال
تعالىوَ قَدْ خَلَقْتُكَ
مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاًو قوله تعالىهَلْ
أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ- لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراًو كلما كان وجوده أولا بالقوة فلا بد
أن يكون متدرج الحصول- في أصل الوجود و كمالاته و يكون مترقيا من الأدنى إلى
الأعلى و متدرجا من الأضعف إلى الأقوى فلها في كل من نشئاتها الثلاث مراتب و هي
قوة و استعداد و كمال مثال ذلك كالكتابة فلها قوة كما للطفل و استعداد كما للأمي
المتعلم المحصل لأسباب الكتابة و آلاتها و لكن لم يتعلم بعد و الكمال للقادر على
الكتابة متى شاء من غير كسب جديد- لأجل حصول ملكة راسخة في هذه الصناعة و هو قد
يكون محجوبا عن الكتابة ممنوعا عنها لا مانع داخلي بل لمانع و حجاب خارجي كما
للعين الصحيحة إذا لم يبصر لأجل غطاء من خارج و قد لا يكون كذلك لزوال المانع و
الحجب الخارجية فالقوة في الإحساس كما للجنين عند كونه في الرحم و الاستعداد له
كما للطفل عند تولده تام الآلات للحواس- و الكمال فيه كما للصبي حين ترعرعه و كذا
قياس مراتب التخيل و مراتب التعقل و يقال لها العقل الهيولاني و العقل بالفعل و
العقل الفعال فالأول قوة و الثاني استعداد- و الثالث كمال و الرابع فوق كمال فهذه
كلها مراتب متعاقبة الحصول في الإنسان بحسب جوهره و ذاته فمن غلب عليه واحد من هذه
الكمالات الثلاثة أعني الحسي و النفسي و العقلي كان مآله إلى عالمه و أحكام نشأته
و لوازمها فمن غلبت عليه نشأة الحس و الاستكمال- بالمستلذات الحسية و المألوفات
الدنيوية فهو بعد وفاته أليف غصة شديدة و رهين عذاب أليم لا أن الدنيا و لذاتها
أمور مجازية لا حقيقة لها[1]و
الإحساس بها انفعالات تنفعل النفس
[1]إن قلت صورة التي في الخيال لا دثور و لا زوال فيها لأنها
مجردة عن المادة و إن لم تجرد عن المقدار و قد ثبت فيما مر تجرد الخيال و الحس
المشترك فصور محبوبات أهل الدنيا معهم و شيئية الشيء بصورته لا بمادته.
قلت قد مر هذا المطلب في الأمور العامة متصلا بتتمة الكلام في
العلة و المعلول أعني ذوقيات العلة و المعلول و قد تعرضت في الحواشي التي كتبت
هناك هذا السؤال و أجبت بما فيه كفاية للفطن العارف فلا نعيده، س ره
نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 9 صفحه : 229