و حق عليهم القول في الأزل لأنهم أهل الظلمة و أهل الدنيا و الحجاب
الكلي المختوم على قلوبهم فطرة كما قال تعالىلَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ*و قولهوَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَ
الْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهاالآية.
و الفريق الآخر هم المنافقون
الذين كانوا مستعدين في الأصل قابلين لنور المعرفة بحسب الفطرة و
النشأة الأولى و لكن ضلوا عن[2]الطريق
و احتجبت قلوبهم بالرين- المستفاد من اكتساب الرذائل بارتكاب المعاصي و مباشرة
الأعمال البهيمية و السبعية- و مزاولة المكايد الشيطانية حتى رسخت الهيئات الغاسقة
و الملكات المظلمة و ارتكمت على أفئدتهم و انتقشت نفوسهم برسوم سفسطية و صور جهلية
و خيالات باطلة و أوهام كاذبة فبقوا شاكين حيارى تائهين منكوسين انتكست وجوههم إلى
أقفيتهم و حبطت أعمالهم و بقيت نفوسهم في غصة و عذاب أليم مغلولة مقيدة بسلاسل
علائق الهيولى في ظلمات شهوات الدنيا و قد سلبت عنها قوى إدراك هذه الشهوات و
آلاتها تلذعها عقارب الهيئات السوأى و حياتها خالدين فيها ما دامت السماوات و
الأرض و كانت قد ناداها منادى الحق فتغافلت و غوت و أعرضت و جحدت فحل عليها غضب
الحق و قيل فيهاوَ
مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ
الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي
[1]في موضعين أحدهما نشأة العلم فإن كل عين ثابت استدعى في
العلم ما يليق بحاله فاستدعى السكر الحلاوة و الحنظل المرارة و لا ألف الاستقامة و
الدال الانحناء و هكذا و ثانيهما المادة فمادة الشعير تطلب صورة الشعير و لا تطلب
صورة الحنطة- و مادة العصفور تطلب صورة العصفور و لا تطلب صورة الطاوس و هذا الطلب
أيضا في الأزل لأن الأزل ليس وقتا موقوتا و حدا محدودا بل روح الدهر و الزمان و
أيضا كلا الطلبين من ذات الشيء لأن ماهيته هي هو و مادته جزؤه لا تباينه فما عامل
الله شيئا إلا بما علم منه، س ره
[2]لمحبة الترفع و الرئاسة كما هو مفهوم من نفيهما عن الفريق
الأول و لغلبة شهواته و شيطنته و نكراه و استعباد هواه إياه، س ره
نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 9 صفحه : 132