فصل (12) في إثبات المحرك الأول‌

إنك قد عرفت حد الحركة فهي فعل أو كمال‌ [1] أول للشي‌ء الذي هو بالقوة من جهة ما هو بالقوة فالقوة للمتحرك‌ [2] بما هو متحرك بمنزلة الفصل المقوم له- و يقابله السكون تقابل العدم و العينية فنقول الحركة لكونها صفة وجودية إمكانية- لا بد لها من قابل و لكونها حادثة بل حدوثا لا بد لها من فاعل و لا بد من أن يكونا متغايرين لاستحالة كون الشي‌ء قابلا و فاعلا فعلا و قبولا تجدديين واقعين تحت مقولتين متخالفتين و هما مقولة أن يفعل و أن ينفعل و المقولات أجناس عالية متباينة و لاستحالة كون المفيض مستفيضا بعينه فالمحرك لا يحرك نفسه‌ [3] بل الشي‌ء

[1] الظاهر أن إضافة لفظ الفعل إلى حد الحركة مع أنه حدها فيما مر بأنها كمال أول لما بالقوة من جهة ما هو بالقوة تمهيد لما سيذكره في البرهان الأول أن الحركة بالنسبة إلى المحرك فعل و بالنسبة إلى المتحرك انفعال فلو كان المحرك عين المتحرك كان التحريك عين التحرك و فيه اتحاد مقولتي الفعل و الانفعال و هو محال و فيه أن اختلاف ماهية الشي‌ء باختلاف النسب و الاعتبارات ممتنع على أن أخذ الفعل في حد الحركة لا دليل عليه و لا ينتجه التحليل و التركيب اللذين أوردهما لتحصيل حد الحركة سابقا في الفصل العاشر على أن الحركة كما ذكره غير داخلة تحت مقولة من المقولات فكذا التحريك و التحرك الحاصلان من مفهومها بالنسبة و الإضافة فإنهما عينها حقيقة و غيرها اعتبارا كالحصول و التحصيل و التحصل نعم هذا المعنى حق في مثل التسخين و التسخن و هما الفعل و الانفعال و السخونة من مقولة الكيف عندهم، ط مد

[2] أي القوة المتشابكة بالفعلية المصحوبة بالحركة مقومة لهما كما أن القوة البحتة مقومة للهيولى فإنها جوهر بالقوة، س ره‌

[3] و في بعض النسخ فالمحرك و كذا المسخن بدل المتسخن و ليس بجيد أما معنى فلأن المقصود أن المتحرك لا بد له من محرك لا أن المحرك لا بد له من متحرك لأن وجود المتحرك ضروري و أما لفظا فلأن الفعلين متعديان بنفسهما كما فيما قبل كلمة بل فلام التعدية مستدركة و على النسخة الجيدة فاسم لا يكون ضمير يعود إلى المتحرك لا المحرك- أي حتى لا يكون المتحرك في نفسه متحركا و لا يكون الحركة بالقوة و كذا ضمير سخونته- يرجع إلى المتسخن لا المسخن، س ره‌