نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 387
و ليعلم و يتذكر أن العقل كما لا يستطيع أن يطيق إشراق نور الأول
تعالى- و يتعقل كنه مجده و جلاله لغاية سطوع شمس كبريائه و فرط ظهوره و فعليته
كذلك لا يقدر أن يتعقل الممتنع بالذات لفرط نقصه و بلوغه أقصى غاية النقصان إلى حيث
تجاوز الشيئية فإن الشيء لا ينفك عن الوجود فما لا وجود له لا شيئية له و العقل
الإنساني يقدر على إدراك ماهيات الأشياء و شيئياتها و لا يقدر على تعقل الوجود
الصرف الذي لا شيئية له كما في الواجب جل اسمه و لا على تعقل العدم الصرف- الذي لا
شيئية له أيضا بوجه من الوجوه لكن هناك لفرط الكمال و الفعلية و هاهنا لفرط
النقصان و البطلان و كل ما يقرب من الأول تعالى كان يقرب منه في ذلك الحكم- كالعقل
الأول و ما يتلوه و كل ما يقرب من الممتنع كان يقرب منه في الحكم كالهيولى الأولى
و الحركة و ما يقربهما.
و ملخص القول أن من المعلومات ما وجودها في غاية القوة مثل الواجب
الوجود و يتلوه العقول المفارقة و الجواهر الروحانية و منها ما وجوده في غاية
الضعف- شبيه بالعدم لكونه مخالطا للعدم مثل الهيولى و الزمان و الحركة و منها ما
يكون متوسطا بين الأمرين و ذلك مثل الأجسام المادية عند القوم و مثل الأجسام التي
في خيالنا عندنا إذ الجسم ما لم ينتزع صورته عن المادة نزعا ما لا يمكن العلم به
كما سنحققه في مباحث الحواس و المحسوسات و العقول البشرية ما دامت مدبرة لهذه
الأبدان العنصرية تعجز عن إدراك القسم الأول كما يعجز أبصار الخفافيش عن إدراك نور
الشمس لأنه يبهر أبصارها و يعجز أيضا عن إدراك القسم الثاني لضعف وجود تلك الأمور
و نقصاناتها كما يعجز البصر عن إدراك المدركات البعيدة و الصغيرة في الغاية فأما
القسم الثالث فهو الذي يقوى القوة البشرية على إدراكه و الإحاطة به كمعرفة الأبعاد
و الأشكال و الطعوم و الألوان و سبب ذلك أن أكثر النفوس البشرية في هذا العالم
مقامها مقام الخيال و الحس و المدرك لا بد أن يكون من جنس المدرك- كما أن الغذاء
لا بد و أن يكون من جنس المغتذي فلذلك سهل عليها معرفة هذه الأمور
نام کتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 387