responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 81

فطري ذاتي عن تجل وقع من قبل اللّه لهم، فأحبوه و انبعثوا إلى الخضوع له تقربا إليه بعبادة ذاتية و حركة جبلية نحوه من غير تكلف. و قال أيضا «أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّح لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ، وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ» فلزم ذلك و ثابر عليه و داوم. و هذا أيضا تسبيح فطري و ثناء ذاتي انبعث عن ذواتهم و بواطنهم التي هي عند ربهم، فيسري حكم السجود الفطري و الصلاة الحقيقية و التسبيح الذاتي إلى ظواهرهم و أمثالهم و أظلالهم كما في قوله: «أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلى‌ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْ‌ءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَ الشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَ هُمْ داخِرُونَ» و من لطائف كلامه أنه قال في الآيتين السابقتين‌ «أَ لَمْ تَرَ» مخاطبا لنبيه، و في هذه الآية «أَ وَ لَمْ يَرَوْا» بلفظ الجمع المراد به عامة الإنس و كل عاقل، و ذلك لأن متعلق الرؤية فيهما هو اللّه من حيث كونه مسجودا و مسبحا له، و في هذه متعلق الرؤية ما خلق اللّه، و لا شك في أن تلك الرؤية مرتبة عظيمة مختصة بالنبي صلّى اللّه عليه و آله شهودا و عيانا، فهي له صلى اللّه عليه و آله عيان كشفي، و لنا إيمان علمي، فأشهده اللّه تعالى سجود كل شي‌ء و تسبيحه كما أعلمنا بمتابعة دينه و كتابه.

و بالجملة دلت الآيات أن لهذه الموجودات حتى الجبال و الشجر و الدواب عبادة ذاتية للّه و نسك فطري، ثم قال متمما لما سبق: «وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ» أي ممن يدب عليهما، يعني أهل السماوات و الأرض إشارة إلى حركتها الذاتية الفطرية حسب ما بيناه بالبرهان. و قوله:

«وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ» يعني الملائكة التي ليست في سماء و لا أرض لا يستكبرون عن عبادة ربهم. ثم وصف المأمورين منهم أنهم‌ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ*، ثم قال: «فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ هُمْ لا يَسْأَمُونَ» أي لا يملون، لأن مبدأ حركتها و سعيها ليس قوة جسمانية أو غاية حيوانية شهوية أو غضبية بل تشوقا إلى اللّه و تقربا عنده و تخلصا من ألم الفراق و نار الاشتياق كل ذلك يدل على أن العالم كله في مقام الاستقامة على الصراط و العبودية و الخضوع، إلا كل مخلوق له قوة الفكر و تسلط الوهم و إغواء الشيطان، و ليس إلا النفوس الإنسانية النطقية من حيث أعيان تلك النفوس،

نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست