نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 79
«أولما خلق اللّه
العقل» و هذا العقل له وجه إلى الحق، لأنه يجب به وجوده، و وجه إلى ذاته، لأنه
هوية صادرة عن الحق الأول مغايرة له، فلا بد له من أن يتضمن معنى النقص و الإمكان،
و إلا لم يكن بين المفيض و المفاض عليه فرق، فلتضمنه جهة الخير و الوجوب يصدر
بواسطته عقل آخر دونه في الرتبة، و لتضمنه معنى النقص و الإمكان، يصدر منه جوهر
جسماني فيه الإمكان الاستعدادي، و هو أول الأفلاك و أعلاها، و هكذا صدر عن كل عقل
بحسب جهتيه جوهر قدسي و جرم سماوي، الأشرف من الأشرف، و الأخس من الأخس، حتى
استوفى عدد الكرات إلى فلك القمر، و عدد العقول إلى عقل أخير. و الحق أنها متكثرة
جدا حسب تكثر الأنواع الطبيعية، حتى يكون لكل كرة سماوية أو كوكبية و لكل نوع من
الطبائع النوعية البسيطة كالنار و الهواء و الماء و الأرض، و المركبة كأنواع
المعادن و النباتات و الحيوانات، عقل فعال ذو عناية و تدبير و حفظ لأفراد ذلك
النوع.
ففي عالم الأرواح العقلية كثرة وافرة خارجة عن إحصائنا و ضبطنا لا
يعلم عددها إلا اللّه كما قال:
«وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا
هُوَ»و إليها الإشارة بقوله
تعالى «وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ...فَالْمُدَبِّراتِ
أَمْراً»و قوله «السَّماءَبَنَيْناها بِأَيْدٍ ...»و قوله: «أَنَّاخَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ
أَيْدِينا أَنْعاماً»فللحق الأول
أيد عمالة فعالة لا بجوارح جسمانية، بل ذوات نورية هي وسائط جوده و جهات فاعليته،
و إفاضته على الأشياء و هي كأنها في طريق الإيجاد مباد فعالة لهذه الأنواع، فهي
كما أنها مباد لوجود طبائع الأشياء و حركاتها، كذلك هي غايات لوجود هذه الطبائع و
استكمالاتها، بها يتم ذواتها و يكمل وجوداتها، و لأجلها يفعل آثار حركاتها و
استحالاتها، و بها يتم النظام و يكمل الخلق، و للتشوق إليها يدور الأفلاك و يتواجد
الأملاك ليلا و نهارا، سرا و جهارا، و بسبب ذلك تعمر الدنيا و يدوم الحرث و النسل «صُنْعَاللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ»إشارة إلى النظام المحكم و القوام الأتم الأدوم، و لأجل وجود هذه
المقومات العقلية للأنواع الطبيعية كلها قال: «ماتَرى
فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ»و
إليها الإشارة بقوله: