نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 49
اقتضاء العلل متناه أيضا، فلا بد من وجود مدة غير منقطعة، و أدوار
غير متصرمة ليحصل بحسب الأدوار و الحركات و استعدادات القوابل المتعاقبات، نفوس
ناطقة قرنا بعد قرن و نسلا بعد نسل، ليتم الأزل بالأبد و يكمل البداية بالنهاية، و
لا يصير نعمة اللّه بتراء، و لا جوده منقطعا و فضله معطلا. و لذلك قال: «وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً»و قال: «مانَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ»و قال:
فإذا تقرر هذا، فالقضاء كما أشير إليه عبارة عن وجود جميع الموجودات
في العالم العقلي، مجتمعة بعد وجودها في العناية الإلهية مجملة و محلها القلم. و
القدر عبارة عن وجوده التفصيلي في كتاب المحو و الإثبات و في مواد الخارجية
الجارية بسواد مداد الهيولى الظلماني، كما جاء في التنزيل «وَعِنْدَهُ
مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ»إشارة إلى وجودها على النحو البسيط في العناية الإلهية. و قوله: «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ»إشارة إلى وجودها في الخزائن العقلية على سبيل
الانحفاظ دائما. و قوله:
«وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ
مَعْلُومٍ»إشارة إلى
المرتبتين الأخيرتين القدريتين، فالمتنزل هو القدر الخارجي، لكونه آخر التنزلات، و
المتقدر المعلوم هو القدر العلمي، و هو سبب للقدر الخارجي، كما دلت عليه باء
السببية، فالجواهر العقلية و ما معها موجودة في القضاء و القدر مرة واحدة
باعتبارين، و الجواهر الجسمانية و ما معها موجودة فيهما مرتين. فظهر مما ذكرنا أن
علمه تعالى محيط بجميع الأشياء الكلية و الجزئية، لأن كل شيء من لوازم ذاته بوسط
أو بغير وسط، يتأدى إليه بعينه قضاؤه و قدره الذي هو تفصيل قضائه تأديا واجبا، إذ
كل ما لم يجب وجوده أولا لم يوجد أخيرا، فالعناية الإلهية هي إحاطة علمه البسيط
الذي هو نفس وجوده بالكل، و بالواجب أن يكون عليه الكل، حتى يكون على غاية الجودة
و النظام، و أبلغ الكمال و التمام و أحسنه، و بأن ذلك واجب عنه تعالى و عن إحاطة
علمه به، ليكون الموجود على وفق المعلوم على أكمل الوجوه في النظام، فعلمه سبحانه
بكيفية الخير و الصواب في ترتيب وجود عالمي الغيب و الشهادة هو منبع لفيضان الكل.
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 49