نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 36
و رابع الثلاثة و خامس الأربعة و سادس الخمسة و هكذا، كما دلت عليه
الآية المذكورة، و هي قوله تعالى:
«مايَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا
هُوَ رابِعُهُمْ ...الآية» و ذلك
لأن وحدته ليست عددية، بل وحدة أخرى جامعة لجميع الآحاد و الأعداد، فلو كانت وحدته
عددية لكانت داخلة في باب الأعداد، فلم يكن حينئذ فرق بين أن يقال ثالث ثلاثة أو
ثالث اثنين، و لم يكن أحد القولين كفرا دون الآخر، بخلاف ما إذا كانت وحدته خارجة
عن باب الأعداد، فكان القول حينئذ بكونه ثالث الثلاثة أو رابع الأربعة كفرا و
باطلا، إذ ثالث الثلاثة داخل في عدد الثلاثة و كذا رابع الأربعة داخل في الأربعة و
هكذا.
ثم لما كانت وحدته نحوا آخر مغايرا لسائر الوحدات و ليست من جنسها،
فهي مع كونها مغايرة لها جامعة لها مقومة إياها، فلكونه تعالى كذلك، صح أن يقال:
إنه رابع الثلاثة، فإذا انضم إلى الثلاثة واحد من جنسها، صار هو سبحانه خامس
الأربعة، و هكذا إلى غير النهاية. و هذا مما يخفى دركه، إلا على الراسخين «فهُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ،و هوبِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ».
و
في كلام سيد الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام «معكل شيء لا بمقارنة و غير كل شيء لا بمزايلة».
و اعلم أن لنا بعد الكشف و الشهود براهين متعددة على هذا المطلب
تركنا ذكرها، إذا لا تأثير في ذكرها لغير ذوي بصائر قلبية و من كان ذا بصيرة قلبية
يكفيه ما أوردناه من البرهان المذكور، لأن من يتنور باطنه بنور الحق الأول، فيشاهد
أنه مع كونه واحدا غير قابل للتكثير و الانقسام، انبسط على هياكل الموجودات، و وسع
بجميع ما في الأرض و السماوات، و لا يخلو منه شيء من الأشياء و لا ذرة من ذرات
الكائنات، و هو مع كونه مقوما لكل وجود، مستغن مقدس عن كل موجود، لا يلحقه من
معيته لسائر الأشياء نقص و لا شين، و لا تغير و لا تكثر و انقسام، كالنور الحسي
الواقع من الشمس على الروازن و الثقب و على النجاسات و القاذورات من غير أن يتكثر
ذاته و يتلوث بشيء منها أو يمتزج بها، فإذا كان حال النور الحسي، هكذا، فما ظنك
بحال نور الأنوار العقلية في انبساطه على الأشياء و عدم مخالطته بها.
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 36