نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 211
موازين الآخرة ما يشبه القبان.
قلنا: قد مر أن هذه المعارف التي هي سبب عروج النفس إلى معارج
الملكوت مستفادة من أصلين، فكل أصل كفة، و الحد المشترك بين الأصلين الداخل فيهما
عمود، و أما ما يشبه القبان فهو ميزان التلازم، إذ أحد طرفيه أطول، و الآخر أقصر،
و يتولد النتيجة من ازدواج أصلين يدخل شيء من أحدهما في الآخر، فهذه الموازين
الخمسة التي يعرف بها مثاقيل الأفكار و مكاييل الأنظار في العلوم الحقيقية التي هي
الأرزاق المعنوية لأهل الآخرة، و قد أنزل اللّه تعالى هذه الموازين من السماء
ليعلم كل أحد مقدار علمه و عقله و ميزان سعيه و عمله، و يحسب حساب رزقه و أجله، و
يحضر كتاب عمره و أمله، فإن لكل مخلوق رزقا خاصا و بحسب كل رزق له أجل مكتوب و
حساب محسوب، و الأرزاق المعنوية كالأرزاق الحسية متفاوتة في الأكل متفاضلة في دوام
الحياة و الأجل كما و كيفا و نفعا و ضرا بل الأرزاق الأخروية أكثر تفاوتا و أشد
تفضيلا من الأرزاق الدنيوية، كما في قوله تعالى:وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلًا،و قال أيضا مخاطبا لنبيه المنذر:ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ،فأمر اللّه
نبيه بدعوة الخلائق إلى أنواع مختلفة من الرزق حسب تفاوت الغرائز و الجبلات للخلق،
فالقرآن بمنزلة مائدة نازلة من السماء إلى الأرض مشتملة على أقسام من الرزق لطوائف
من الناس، و لكل منها رزق معلوم و حياة مقسوم، فالحكمة و البرهان لقوم، و الموعظة
و الخطابة لقوم، و الجدل و الشهرة لقوم، و يوجد فيه لغير هؤلاء الطوائف الثلاث
أغذية ليست بهذه المثابة من اللطف، بل أنزل منها على حسب مقاماتهم في الكثافة و
السفالة إلى حد القشور و النخالة، كما في قوله تعالى:وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ،فكما يوجد فيه اللبوب كذلك يوجد فيه التبن و
القشور، و هي للعوام الذين درجتهم درجة الأنعام كما قال:مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ*،و ذلك لأن الغذاء يجب أن يكون مشابها للمغتذي.
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 211