responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 14

كثرة لا تحصى، و إنما وقع الإجمال في حقنا. فمن كوشف بالتفصيل في عين الإجمال علما أو عينا أو حقا، فذلك العالم الذي أعطاه اللّه تعالى‌ الْحِكْمَةَ وَ فَصْلَ الْخِطابِ‌، و ليس ذلك إلا الأنبياء عليهم السلام و الورثة لهم من العلماء الراسخين.

و أما الفلاسفة المشهورون فليسوا من هذا المقام في شي‌ء، و لا يعلمون التفصيل في عين الإجمال، كما يراه صاحب هذا المقام الذي أعطاه اللّه الحكمة و فصل الخطاب، و هذه الحكمة عناية ربانية و موهبة إلهية لا يؤتى بها إلا من قبله تعالى، كما قال‌ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً. وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ‌.

فهذه الآية تدل على أن الحكمة من مواهب اللّه التي لا تحصل بمجرد السعي، بل حصولها بالمشية الربانية لا غير. و لأجل ذلك ذكر أنه من فضل اللّه في قوله تعالى: «ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» بعد قوله: «وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ».

و في هذه الآية إشارة إلى أن هذه الحكمة المعبر عنها تارة بالقرآن، و تارة بالنور و عند الحكماء بالعقل البسيط، هو من فضل اللّه و كمال ذاته، أتاها اللّه لمن اختاره و اصطفاه من خواص عباده و محبوبيه، كملك من الملوك يعطي خلعته و لباسه المخصوص لمن أحبه من مقربيه لأن الحكمة الحقة من صفاته الذاتية، و لا ينالها أحد من الخلق إلا بعد تجرده عن الدنيا و عن نفسه بالتقوى و الزهد الحقيقي، و الفناء من شوائب الخليقة و الانخراط في سلك المهيمين من ملائكته و عباده المقربين حتى يعلمه اللّه من لدنه علما و يؤتيه حكمة و خيرا كثيرا و فضلا عظيما و يحييه حياة طيبة، و جعل له نورا يمشي به في ظلمات الدنيا و برازخ القبور، كما في قوله تعالى: «أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها» فقوله: «كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ» أي فانيا عن غير اللّه باقيا به. و النور الذي يمشي به في الناس هو نور اللّه، كما في قوله صلى اللّه عليه و آله: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه». و من أسمائه الروح، قوله، «تعالى‌ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى‌ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ» و قوله تعالى‌

نام کتاب : أسرار الآيات و أنوار البينات نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست